الثقافة الصينية: صور نمطية في القاهرة

22 يونيو 2019
(مسجد جيان الكبير في الصين)
+ الخط -

في العقدين الأخيرين، بدأت الصين في استخدام قوتها الناعمة أكثر فأكثر، بعد عقود من التطور الاقتصادي الذي جعل منها إحدى الاقتصادات المهيمنة على الأسواق العربية والعالمية؛ حيث لا تكاد تخلو مدينة عربية من سوق يغص بالبضاعة الصينية على اختلاف أنواعها.

من جهة أخرى، لطالما أحاطت القوالب النمطية بـ الثقافة الصينية، فاختُصرت في تعاليم كونفوشيوس، أو المطاعم الصينية، أو حتى ممارسة رياضة اليوغا، واعتبار أن تناول الخضروات شبه النيئة والتأمل العميق هو من أصول الحضارة الصينية.

المفارقة أن كل من يزور الصين يخرج بانطباع مغاير لكل ما نعرفه عنها، وهذا ليس مستغرباً أمام مساحة البلاد الضخمة وتنوعها الثقافي وتعدديتها الكبيرة، والتي يُعد المسلمون جزءاً منها،  وتمثل نسبهم 1.8 ٪ من مجموع السكان وفقا لآخر التقديرات.

وعلى الرغم من أن مسلمي الهوي هم المجموعة الأكثر عدداً، إلا أن أكبر تجمع للمسلمين هو في شينجيانغ، حيث يوجد عدد كبير من الأويغور وهم مسلمون يبلغ عددهم 11 مليون نسمة يعيشون في غرب الصين.

تحضر هذه الخلفية مع معرض "الصين في عيون المتحف الإسلامي" الذي انطلق في القاهرة مساء اليوم ضمن فعاليات "الأسبوع الثقافي الصيني"، ويتواصل حتى الثلاثين من الشهر الجاري.

تنقسم التظاهرة بين عدة معارض يُخصّص أحدها للآثار الإسلامية الصينية، وآخر للصور الفوتوغرافيه الخاصة بمقاطعة خنان تقع شرق الصين، وهي إحدى أكبر مقاطعات البلاد من حيث تعداد السكان فيها، إلى جانب أنها واحدة من أكثر المقاطعات التي يرتادها السياح من مختلف بلدان العالم بالنظر إلى خصوصية تضاريسها وجماليات الطبيعة فيها.

مقاطعة خنان أيضاً هي المكان الذي ُولد فيه "الكونغ فو"، وفيها جبال يون تاي، التي أعلنتها "اليونسكو" عام 2004 كأول مجموعة من الحدائق الجيولوجية العالمية بالتضاريس الكارستية، أي تلك المناطق التي يجعلها الحجر الجيري تكتسب ظواهر طبوغرافية مميزة.

يتيح "المتحف الإسلامي" في القاهرة لمرتادي المعرض مشاهدة بعض عروض الكونغ فو، إلى جانب مجموعة من الفنون الشعبية وعروض الأزياء، والتعريف ببعض المأكولات التقليدية للمطبخ الصيني، كما تقام ورش لتعليم الكتابة بالخط الصيني، وكل هذه الفعاليات تقام بالتعاون مع "المركز الثقافي الصيني".

رغم أهمية التظاهرة كعنوان، لا يبدو أن تقديم "متحف الفن الإسلامي" في القاهرة للثقافة الصينية سيخرج عن الكليشيهات: كونغ فو ومأكولات وأزياء صينية وبعض الفعاليات الأخرى ذات الطبيعة السياحية، دون أن تكون هناك مثلاً محاضرات تتعلق بالثقافة الإسلامية في الصين أو ندوة عن الآثار والمساجد وطبيعة العمارة فيها، أو حتى واقع المسلمين فيها اليوم.

كما أنه لا يقدم الفنون المعاصرة في الصين والتي أصبحت اليوم تنافس بقوة في سوق الفن العالمي، وتحضر في البيناليات وصالات العرض والمتاحف في العواصم المختلفة، ولا يتطرق إلى خط الحرير الجديد الذي يُتوقع أن يكون مؤثراً أساسياً في التفاعل الثقافي والاقتصادي على مستوى العالم.

كان يمكن لهذا المعرض أن يكون فرصة حقيقية للاطلاع على التنوع الثقافي البصري والمكتوب في الصين اليوم، ومخالفة السائد عند التفكير في الحضارة الصينية، الأمر الذي يضعنا أمام سؤال آخر هو: لماذا تميل الأسابيع الثقافية التي تنظمها المؤسسات الرسمية إلى أن تكون تقليدية وبسيطة المضامين ومحافظة أيضاً، وتتحاشى الخوض في ما هو إشكالي وجديد ومعاصر؟

دلالات
المساهمون