"المدونة السردية في قطر": تأمّل النشأة والاتجاهات

06 نوفمبر 2019
أحمد نوح/ قطر
+ الخط -

يعيد الدارسون أولى المحاولات السردية في قطر إلى خمسينيات القرن الماضي، مع نشر كتابات لم تخرج عن الحكاية التقليدية من دون أن تتضمّن عناصر القصة القصيرة الحديثة، والتي أخذت في التطور خلال العقد اللاحق وصولاً إلى التسعينيات مع ظهور عدد من التجارب الناضجة.

وتكرّست العديد من الأسماء ضمن منحى تصاعدي يُبرز تضاعف النتاجات مع مرور الزمن، وكذلك تطوّر بنياتها الفنية والجمالية، ومنها كلثم جبر وإبراهيم المريخي وحسن رشيد ووداد الكواري ومحسن الهاجري وجمال فايز وأحمد عبد السلام، وعبد العزيز آل محمود.

"المدونة السردية في قطر: إشكاليات تاريخية وقضايا فنية"، عنوان الجلسة النقدية التي نظّمها "الملتقى القطري للمؤلفين" في وزارة الثقافة في الدوحة منذ أيام، وتحدّث خلالها الأكاديمي والناقد محمد مصطفى سليم، وأدارها الباحث عبد الحق بلعابد.

استند المحاضِر إلى كتاب الناقد محمد كارفور "القصة القصيرة في قطر: دراسة فنية اجتماعية" التي رصد فيها قرابة مئة وعشرين نصاً نُشرت في عشر دوريات، وذكر فيها أن قصة "الحنين" لإبراهيم صقر المريخي تعدّ أول قصة فنية أدبية قطرية، وقد نشرتها مجلة "العروبة" عام 1955.

لفت سليم إلى أن بعض الدارسين نسبوا أول نص قصصي إلى يوسف نعمة بعنوان "الولد الهائم"، لكنه قول يستبعد لأن بنيتها أقرب إلى المسرحية، بينما ذهب آخرون إلى أن النص الأول كتبه أحمد عبد الملك قبل قصة "الحنين" بنحو عام.

واستعرض بعد ذلك بيبوغرافيا الرواية القطرية منذ صدور أول نص روائي عام 1993، لتصل اليوم إلى أزيد من مئة وعشر روايات، صدر منها سبع وخمسون في السنوات الثلاث الماضية، التي لم تشهد سوى صدور أربع مجموعات قصصية فقط.

وأجمع الباحثون والنقاد، وفق سليم، على أن أول رواية قطرية هي للكاتبة شعاع خليفة، بعنوان "العبور إلى الحقيقة"، عام 1993، لافتين إلى أن الأختين شعاع ودلال خليفة هما من وضعتا الرواية القطرية على خريطة الأدب العربي، لأنهما كتبتا ست روايات من عام 1993 إلى 2004، ليقدّم أحمد عبد الملك عام 2005 "أحضان المنافي" التي تعتبر أول رواية لكاتب قطري.

كما أوضح أن بعض المظاهر تحتاج إلى ضبط تاريخي، لأنه توجد روايات سقطت من تناول الدارسين والباحثين بسبب اعتبارات كثيرة منها مجهولية المؤلف، وأي تيار فني ينتمي إليه، مشيراً إلى أن التقيد بالبعد التاريخي أمر تحتمه المهنية العلمية، وقضية تلتزم بها في أروقة البحث والنقد، ويجب أن تصحّح في التصوّرات للرواية القطرية، مع الأمل أن تكون على نحو أكثر دقة.

وأكد سليم أن من القضايا الفنية التي طرحتها المدونة السردية القطرية، الرفع من شأن قضية المرأة بوصفها العنصر الفاعل في المجتمع، وتم تقديم المرأة على أنها النموذج الذي يمكن أن يُتكأ عليه، ورسم صورتها في المدونة السردية بوعي اجتماعي عالٍ، وهو ما يفسّر تفوق عدد الكاتبات على الكتاب في المشهد القطري.

المساهمون