لم يتوقّف الجدل منذ الحضارات القديمة حول وظيفة الفن وأدواره، بين من يؤمنون بأنه يمثّل الجمال الخالص ولا غاية أو هدف محدد له، وبين يرون بأنه يعبر عن أزمات المجتمع والسياقات التي تحيط به، وأنه يشكّل الأداة اللازمة لدمج الفرد بالجماعة.
في العصر الحديث، بدت المسألة معقّدة على نحو دفع بعض الفلاسفة، ومنهم أقطاب مدرسة فرانكفورت، إلى القول إن المجتمع الرأسمالي يسعى إلى تحويل الثقافة الحقيقية الى ثقافة مصنعة جماهيرية واستهلاكية تبدو قريبة من الواقع، لكنها لا تمتلك الأصالة برفض الواقع من أجل تغييره.
تعقد عند الخامسة والنصف من مساء اليوم الأربعاء في "مكتبة قطر الوطنية" في الدوحة حلقة نقاشية تحت عنوان "صروح وفنون: إعادة تعريف الفن العام"، في إطار برنامج "قراءة المدينة" ضمن فعاليات الدورة السادسة من "المهرجان البريطاني" في قطر، حيث تستضيف المديرة الإبداعية لـ "مركز فنون المستقبل البريطاني" إيريني باباديميتريو.
تتناول الندوة التي يشارك فيها كلّ من الفنانة اليابانية الألمانية ناهو ماتسودا، وأخصائية المتاحف والفنون ليلى باشا، وعبدالرحمن آل إسحاق، رئيس قسم الفن العام في "متاحف قطر"، الأبعاد المختلفة للفنون العامة ومدى أهميتها في الوقت الحالي.
يشير بيان المنظّمين إلى أنه "عبر الثقافات وعبر العصور، ساد الفن كوسيلة لفهم العالم من حولنا بشكل أفضل، ملهماً طرقاً جديدة للتفكير والحوار العام، وغالباً ما يدفع الحدود الجمالية والمفاهيمية إلى ما وراء ثنائية: "هنا والآن".
يضيف: "في عام 2019، دفعتنا التطورات في المشهد الثقافي والهندسة المعمارية وفضاء التكنولوجيا الإبداعية إلى إعادة النظر في الملامح المتغيرة للفن وأدواره، وكذلك الفضاء العام في المدن سريعة النمو والتطور، وفي مجتمع شديد الارتباط".
ويقام "المهرجان البريطاني" هذا العام تحت عنوان "الناس والمكان"، إذ إنه من خلال عدسة الفن العام والتصوير الفوتوغرافي والموسيقى والأفلام، سوف يستكشف الجمهور تأثير المكان علي البشر وبالتالي تأثير البشر على المكان، حيث يقام معرض بعنوان "المكان الذي اتصل" للفنان ديفيد دريك في "مطافئ- مقر الفنانين"، ويضمّ أعمالاً تستكشف فكرة المنزل، واستخدام التصوير المعاصر لرصد التغيير السريع في النمو والحراك الاجتماعي.