ذكرى ميلاد: إدغار آلان بو.. لغز الأدب والحياة

19 يناير 2019
غرافيتي لإدغار آلان بو في أحد شوارع يريفان/ أرمينيا
+ الخط -

إن كان هناك من أب للرواية والقصص البوليسية الغامضة، فهو الكاتب الأميركي إدغار آلان بو، الذي تحل ذكرى ميلاده اليوم، وهو كذلك معلم التشويق الذي وضع فيه مدرسة جديدة تعتمد الغرائبية والرعب، وكل ما كتب في القرن العشرين من قصص الغموض والجريمة ومصاصي الدماء، كان أساسه عالم بو الأدبي.

ولد بو (1809-1849) في بوسطن، وكان والده قد تخلى عن العائلة وبو ما زال رضيعاً، ثم توفيت والدته التي كانت تعمل ممثلة مسرح وهو في عمر العامين فوضع في ملجأ للأيتام وهناك تبته عائلة "آلان" التي حمل اسمها، لاحقاً سيتخلى عنه والده بالتبني أيضاً.

بدأ صاحب "الغراب" التأليف وهو في عمر الـ 13، إذ كان يكتب الشعر طيلة الوقت مؤمناً أن قدره أن يكون كاتباً، التحق بجامعة فرجينيا ولكنه غرق في الديون وبدأ يقامر بهدف سداد ديونه التي تفاقمت فتخلى عن الدراسة.

في عام 1830 التحق بو بالعمل ضابطاً في وست بوينت، بعد أن يأس من إتمام دراسته وإثر رفض والده بالتبني أي صلة به، وبدأ منذ ذلك العام أيضاً يفكر، واهماً، في الكتابة كمصدر للعيش، وكان قد نشر مجموعته الشعرية الأولى عام 1927 بعنوان "تيمورلنك وقصائد أخرى"، والتي يقال إنه لا يوجد منها اليوم سوى 12 نسخة فقط.

تزوج بو بالسر من قريبته فرجينيا كليم التي كان عمرها 13 عاماً فقط، ولم يعلن زواجه منها حتى عام 1836، واستمر زواجهما إلى توفيت بمرض السل وهي في عمر العشرين.

بالنسبة إلى كتّاب سيرة بو، فإنهم يرون أن رحيل ثلاث نساء من حياته كان مدمراً لروحه؛ بداية من فقد والدته ثم والدته بالتبني ثم حبيبته وزوجته، لذلك يمكن اعتبار أن الرعب الذي يستند عليه بو في كتابته كان مصدره الألم والموت وفقدان الحب الذي عاشه في حياته منذ عمر مبكر، إلى جانب الفقر الشديد الذي عانى منه دائماً.

بالنسبة إلى بو الناقد، فقد كان يلقّب بـ"رجل التوماهوك" بالنظر إلى القسوة الكبيرة في كتاباته النقدية التي كانت مصدراً لدخل متواضع من عدة مجلات وصحف أدبية وتسببت في نفور منه من الوسط الثقافي، زاد ذلك قصصه التي كانت عن شخصيات مريبة تتعاطى الأفيون، جعلت الناس تعتقد أنه هو نفسه أصبح متعاطياً له، وبدأت في نسج الحكايات حوله، لا سيما وأنه كان يكتب القصص بضمير المتكلم الأول، فأصبح بو يشكل هو بحد ذاته لغزاً.

اعتبر مؤلف "القلب الواشي" مؤسساً لفن القصة البوليسية بعد أن أصدر سلسلة من القصص بعنوان "جرائم شارع مورغ" وهي القصص التي ابتكرت فكرة المحقق في الجرائم، تلاها "لغز ماري روجيه" و"الرسالة المسروقة".

رحل بو وهو في عمر الأربعين في ظروف غامضة لم تكن أقل من ألغاز قصصه، فقد ذهب من فرجينيا إلى نيويورك في زيارة، واختفى لمدة أسبوع ثم عثر عليه ملقى في الشارع مريضاً ويهذي ويرتدي ملابس ليست له، وقد جرى إسعافه ولكنه رحل بعد يومين من هذه الواقعة، ولا يعرف أحد سبب الوفاة، ثمة من يقول بأنه حبس في قفص وثمة من يقول أنه أصيب بالتهاب في الدماغ. وإلى اليوم يعتبر رحيل بو لغزاً يشبه حياته وقصصه وأشعاره الغريبة.

المساهمون