لا يجد المسرح الغنائي في العالم العربي، ولبنان خاصة، انتشاراً مثلما كان عليه الحال في الستينيات والسبعينيات، وأصبحت تكلفته المرتفعة وطول فترة الإعداد للعمل الواحد وضرورة احتراف مؤديه من مغنين وراقصين عوائق تحول دون إنتاج أعمالٍ نوعية.
الجيل الثاني والثالث من الرحابنة ليسوا بمنأى عن ذلك، ما يفسّر قلّة النتاجات التي قدّموها بعد رحيل منصور الرحباني (1925 – 2009) وربما عدم نجاح بعضها الذي لم يُعرض في لبنان سوى مرات معدودة مثل مسرحية "الفارس" (2016)، للأخوين عدي ومروان ما جعلهما يعيدان عرض مسرحيات والدهما (منصور) في العديد من المهرجانات.
"ع أرض الغجر" (2012) عنوان العمل الذي أخرجه مروان الرحباني وشارك بتأليفه ووضع ألحانه مع شقيقه غدي، والذي يُعرض عند السابعة والنصف من مساء بعد غدٍ الجمعة على مسرح "دار الأوبرا السلطانية" في مسقط، ويعاد عرضه في الليلة التالية.
فكرة المسرحية تعود إلى عام 1985 لكنها بقيت حبيسة الأدراج، بحسب مؤلّفها، حتى استقر الرأي على تقديمها، ويقوم بتأديتها كلّ من غسان صليبا وألين لحّود وبول سليمان وبيار شمعون وأسعد حداد وطوني عيسى ومايا يمّين وبطرس حنا، كما شارك في تلحينها بعض أغانيها أسامة وعمر الرحباني، وصمّم الكوريوغرافيا فلكس هاروتيونيان.
يطرح العمل العديد تساؤلات عمّا هو أهم؛ الأرض أم الإنسان وهل نحن مسيّرون أم مخيرون، عبر قصة سلفادو قزحيا حسين؛ أحد الأثرياء المغتربين في أميركا اللاتينية، الذي يكتشف أن جدّه في لبنان ترك له أرضاً باسمه بعد وفاته، فيقرّر العودة ليُعاين الأرض التي يَنوي أن يبني عليها منزلاً فخماً لخطيبته التي تركها في البرازيل، إلّا أنه يصطدم بقبائل من الغجر المقيمين على هذه الأرض، والذين يرفضون الرحيل.
يبدأ الصراع على الأرض في سلسلة أحداث حتى يكتشف سلفادو التواطؤ المحكَم بين عدد من أصحاب المصالح المتنفذين مع جماعة الغجَر الرحَّل، ويصطدم في الوقت نفسه بزيف المجتمع وفساده وافتقاده إلى العدالة.
يقرّر البطل التخلّي عن الأرض حين يقع بحب ابنة زعيم الغجر، ويترك أحلامه السابقة وقبول الواقع كما هو بعد أن أخفق في تغييره، والعيش مع الغجر الفقراء الذين هم ضحايا صراع أكبر منهم.