احتفالات "23 يوليو": الثورة كفولكلور

26 يوليو 2017
(غرافيتي في القاهرة، تصوير: جيني ماتثويس)
+ الخط -
على مدار شهر، تتواصل احتفالات وزارة الثقافة في جميع المدن والمحافظات المصرية بمرور خمسة وستين عاماً على ثورة 23 يوليو التي أسّست أول جمهورية في مصر، ضمن برامج تغلب عليها عروض تراثية وندوات متشابهة في عناوينها ومضامينها، إضافة إلى معارض فنية لتشكيليين مبتدئين.

من اللافت تنظيم الوزارة برنامجها تحت شعار "العودة إلى الزمن الجميل"، والذي يعكس رغبة رسمية في تغطية أخطاء السلطة الحالية وعجزها بمستحضرات النوستالجيا، حيث تُقاد الجموع بذاكرتها الانفعالية للاستماع إلى موسيقى ذلك الزمان ومسرحه وصوره.

استحضار الماضي والحنين إليه يجري لمدة شهر واحد، بينما تسعى أجهزة الحكم طوال السنة إلى "شيطنة" شخصيات المرحلة الناصرية وتسليط الضوء على فساد بعضهم وبطش البعض الآخر وطغيانه، باعتبارها ممارسات تتناقض مع سلوكها الحالي. ونحن هنا إزاء عنف رمزي في الحالتين في استخدام الرموز السياسية وتوظيفها بشكل انتقائي وقسري.

وليس بعيداً عن ذلك، الاستعدادات الجارية للاحتفالية بمئوية مولد جمال عبد الناصر (1918 – 1970) العام المقبل، حيث تشترك الاحتفالتين بتركيزها على صناعة العدو وهو "الإرهاب" بوصفه مشتركاً لدى كلا النظامين؛ السيسي وصاحب ثورة 23 يوليو، رغم أن الأخير لم تقتصر خصومته على قوى الإسلام السياسي، بل كان خطابه معادياً بالدرجة الأولى للهيمنة الأميركية و"إسرائيل" وهو ما يبدو مفتقداً في خطاب النظام الحالي.

استذكار مشروط ومحدّد الأهداف، وفي مقدّمتها تعبئة المواطن ضد "المؤامرة" التي تدبّر للبلاد وحاكمها، لذلك يُختصر الاحتفال بإقامة حفلات وأمسيات شعرية ومعارض تبثّ المشاعر الوطنية بغض النظر عن محتواها، بل يصرّ المنظّمون على تجاهل إقامة أي فعالية تتضمّن مراجعة عقلانية ونقدية لأحداث التاريخ، فكلّ ما لا يعزّز موقف السلطة وسياساتها الحالية لا يعوّل عليه.

كما يبدو مفهوماً تخصيص العديد من العروض المسرحية والغنائية للأطفال، لتكريس جملة تصوّرات أساسها تحويل "الثورة" إلى فولكلور يتضمّن بالضرورة "حدوتة" مليئة بالحقائق الخاطئة وألحان حماسية تُنسي خسارات الوطن وضحاياه، وفي الخلفية رايات وأعلام وصور الزعيم.

المساهمون