وداعاً غويتيسولو

08 يونيو 2017
(غويتيسولو يدخل بيته في مراكش)
+ الخط -

يأتيني خبرك وأنا على رأس جبل من سلسلة جبال كولسيرولا، تلك التي شهدت أول قصّتك. ذلك الطفل يتيم الأم، الذي أساء إليه جَدُّه، فأورثه جراحاً لا تندمل. وذلك الشابّ المعذّب لعائلة كتالانية أرستقراطية تتاجر في التبغ.

طفولة وشباب عشتهما في حروب وكتْم حريّات، واغتراب عن الخاصّ والعامّ، حتى تفجّر دمُ الكتابة.

تعلّمتَ باكراً (ربما أبكر مما يجب) أن تخرج عن السرب، العائلي والوطني والقومي.
في ثقافتي يا خوان، يبدأ الكاتب راديكالياً وينتهي محافظاً (أو شيء من هذا القبيل).

ما حدث معك، ليس العكس. فمنذ تجربتك الباريسية، إلى أن أغلقت جفنيك في مرّاكش، كنت الراديكالي، الذي لم يخن البدايات، والذي يزداد راديكالية، يوماً بعد يوم.

وأشهد، أن غير صديق وصديقة، سواء من الكتالان أو الإسبان، كان يسوؤهم ما تكتب على نحو شخصي: "ألم يجد غير هذه الوجوه القبيحة للبلد، ليُقلّب المواجع؟ لمَ لا يكتب عن الوجوه الجميلة"!

هؤلاء كانوا مُحبّيك، من ملح الأرض، وأبعد الناس طرّاً عن السلطة.
إحداهنّ قالت: عندما أريد أن أقرأ "الجديد"، أذهب إليه، سواء في مقالاته أو في كتبه.
أما مؤسسات السلطة، فكان طبيعياً أن تؤخّر عليك جائزة ثربانتس، إلى ما قبل الإغماضة الأخيرة بلحظة.

وداعاً يا من أودعتنا درْسَك العالي، ومضيت.


* شاعر فلسطيني مقيم في برشلونة

المساهمون