المصاحف التي جمعها العثمانيون

14 فبراير 2017
+ الخط -

حتى العشرين من الشهر الجاري، يتواصل معرض "فن القرآن: كنوز من متحف الفنون التركية والإسلامية" في غاليري "فرير آند ساكلار" في واشنطن. يضمّ المعرض عدداً من المصاحف المزخرفة التي جرى جمعها من قبل الإمبراطورية العثمانية خلال حكمها جزءاً كبيراً من العالم الإسلامي لستة قرون.

أحد المصاحف المعروضة يعود إلى السلطان سليمان القانوني وهو مصحف مذهّب وبحروفيات متعدّدة الألوان، وثمة مصحف آخر ممهور بدعاء لخلاص روح السلطان سليم الثاني، وهو مزيّن بزخرفات على شكل أوراق الشجر المتشابكة على خلفية بلون اللازورد.

ولمزيد من الاطلاع، يوفر موقع "سيمثوسنيان" (منظّم المعرض) خرائط تفاعلية تتيح تتبع مسار المصاحف المعروضة في الغاليري، حيث إن كل مصحف منها خلفه قصة، فبعضها حصل عليه السلطان كهدايا ثمينة، أو أنه كان غنيمة حرب، إذ كانت هذه المصاحف القيمّة تعبيراً عن الهيمنة وامتلاك السلطة والهيبة السياسية والدينية. وكان انتقال ملكية هذه الكتب أو اقتناؤها في المقام الأول يُظهر كل ما يتعلق بالولاء والوطنية والمكانة الدينية.

لا يقتصر المعرض على إظهار جماليات المصاحف في تلك الحقبة، إذ يرى الصحافي نيك دانفورث في متابعته للمعرض في "فورين أفيرز"، أن المعرض وعن غير قصد يقف في مواجهة القول بأن تركيا كانت دائماً ساحة منافسة بين العلمانية والتيار الإسلامي، إذ يظهر تعايش الطرفين، وأن الدين في تركيا كان دائماً أساسياً ومهمّاً حتى في فترات حكمت فيها أكثر الحكومات علمانية.

من المعروف أنه بين سنتي 1908 و1910، جمعت منظمة "تركيا الفتاة" أجمل وأندر المصاحف في الإمبراطورية العثمانية والتي كانت بحوزة المساجد وفي الأضرحة والجهات الدينية وذلك لتصبح من مقتنيات متحف اسطنبول في ذلك الوقت.

وهذه هي المجموعة نفسها التي تعرض حالياً في "سميثسونيان"، والتي تعتبر رحلتها على نحو ما تمثيلاً لمرحلة بناء الدولة العلمانية، وسحبها للمصاحف بهدف عرضها في متحف هو إشارة لم تخل من معنى في ذلك الوقت، فكانت هذه الممارسة بالمعنى الحرفي سحباً للسلطة على المقتنيات الدينية لتصبح معروضات في المتاحف. في المقابل، فهمه كثيرون بأنه احتفاء بالإرث الديني والهوية الإسلامية، وأن المتحف الإسلامي الذي أقيم آنذاك ليس إلا تعبيراً عن الاحتفاء بهذه الهوية.

لكن وفي عهد أتاتورك، سرعان ما تحوّل هذا المتحف الإسلامي إلى "متحف الفنون التركية والإسلامية"، مؤكداً على الهوية الوطنية أولاً. والآن يقام هذا المعرض يقام اليوم في عهد ترامب، الذي لم يترك فرصة ليظهر معاداته للمسلمين، لتجعل الظروفُ المعرضَ أقرب إلى طريقة في الرد الثقافي والمعرفي على الكراهية المطلقة والجهل.

المساهمون