"على خطى دولاكروا" وليس عكسها

28 أكتوبر 2017
(أوجين دولا كروا)
+ الخط -
"على خطى دولاكروا.. يوميات السفر في مكناس" عنوان للتظاهرة التشكيلية، التي يقيمها المركز الثقافي الفرنسي في المدينة المغربية، حيث افتتحت منذ يومين وتتواصل حتى الثامن من الشهر المقبل.

تعود التظاهرة التي يشارك فيها سبعة فنانين فرنسيين إلى الفترة التي مكث فيها الفنان الفرنسي أوجين دولاكروا (1798-1863) في مكناس عام 1832، حيث كان ضمن "بعثة دبلوماسية فرنسية التقت السلطان عبدالرحمن آنذاك" كما يقول بيان المركز عن المعرض، ويحاول المشاركون تتبع تنقلات دولاكروا في مكناس وصناعة دفتر يوميات مثل دفتره.

يلفت البيان إلى أن دولاكروا لم يتوقف عن الرسم والكتابة طيلة وجوده في المغرب، ولديه يوميات تصور الحياة في البلاد وانطباعاته عنها، والتي يعتبرها كثيرون فتحت الباب وشوقت كثير من الرحالة والفنانين والمستشرقين، بحسب البيان، للقدوم لزيارة المغرب.من يوميات دولاكروا في المغرب

من المعروف أن يوميات دولاركوا تقدّم المغرب كما كانت تتصوره المخيلة الفرنسية، ولن يكون بعيداً عن الصحة القول إنه ورغم مشاهداته الحية وإقامته في المغرب، لم تخالف رسوماته التوقعات ولم تفاجئ المتلقي الفرنسي أو الأوروبي بما يجهله عن المكان.

دولاكروا ذلك الفنان الذي رسم "الحرية تقود الشعب" ليس الرسام نفسه حين ينقل المغرب، فقد قدّم في ذلك الوقت ما يتصادى مع "جمهوره" وممولي بعثته، لكن من غير المفهوم أن يأتي سبعة فنانين اليوم ليقدموا أعمالاً تتمثل المغرب في لوحات دولاكروا من جديد، ذلك المغرب الوحشي والغرائبي والعجيب، في حين كان من الأولى إعادة قراءة أعمال ويوميات دولاكروا بشكل نقدي موضوعي وتحليلي اليوم.

هذه ليست التظاهرة الوحيدة التي تحتفي بدولاكروا في المغرب، فقد أعلن "متحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر" في الرباط، عن معرض ضخم سيقام عام 2020، بالتعاون مع "متحف أوجين دولاكروا الوطني" في باريس، حيث عبّر رئيس المؤسسة الوطنية للمتاحف في المغرب المهدي قطبي في آذار/ مارس الماضي، عن المعرض قائلاً "ستتسنى للمغاربة فرصة اكتشاف هذا الفنان الذي كان خير سفير لبلادهم، وتمكن من نقل ثقافة المغرب وألوانه وأنواره الى الغرب".

دولاكروا زار المغرب في بعثة كجزء من مغامرة فرنسا الاستكشافية للبلاد قبيل الاستعمار، ونظر إلى المغرب ليس ليكون سفيراً له، بل ليرسمه بالعيون الغربية ولها، وبهذا المعنى فهو لم يكن فناناً أو مثقفاً يحاول فهم ثقافة وحضارة مختلفة وتمثيلها ونقلها إلى الآخر. ربما يكون فعلاً قد نقل الألوان وحرارتها لكنه نقل أيضاً شعوره كأوروبي بأنه يرسم بشراً ضلوا طريقهم إلى الحضارة كما يعرفها المجتمع الغربي، فهل يمكن العودة إلى عرض أعماله من دون وقفة تأملية في علاقة الثقافي بالسياسي اليوم وآنذاك، وكيف يمكن أن نأخذ مسافة نقدية ونقرأ فن دولاكروا من خلالها، ثم كيف نقرأ أنفسنا من خلال هذه الأعمال، حيث أن المستشرق الأوروبي لم يكن فقط يؤكد خيالاته عن الشرق، بل كان يؤكد لنفسه تصوراته عن ذاته كغربي من خلال ذلك.

المساهمون