رأس السنة الأمازيغية في مصر: بمناسبة أو من دونها

14 يناير 2017
(من معبد آمون في واحة سيوة، تصوير: دي أغوستيني)
+ الخط -

الاحتفال في مصر لأول مرة رسمياً برأس السنة الأمازيغية أمس (13 كانون الثاني/ يناير) يطرح عدة أسئلة لعل من أهمها؛ هل أن الأمر نتاج اعترافٍ متأخر بالبعد الأمازيغي لمصر، أم هو مجرّد طقس احتفالي يضاف لقائمة الطقوس ذات الصِلة بقضية الترويج للتعدّد الفلكلوري، والذي يؤدي بدوره إلى تحقيق عدة مكاسب من بينها، "جذب أنظار السياح الأجانب" بعد أن عرف هذا النشاط تراجعاً ملحوظاً خلال السنوات الماضية؟ أم هو توظيف سياسي يستثمر ورقة "الأقليات" كما هو الحال عند النظام السوري؟

المناسبة التي يحتفل بها الأمازيغيون في كل من الجزائر والمغرب وتونس والمهجر، باعتبارها، عيداً قومياً لهم، لم تُدرج في مصر، قبل هذا العام، في أية رزنامة للأعياد ذات الاحتفاء الرسمي، حتى لو كان على المستوى الإعلامي فحسب، بل ظلّ "عيد يناير الأمازيغي" في إطاره الضيّق جداً، داخل بيوت ما تبقى من الأُسر الأمازيغية في واحة سيوة.

بينما لا ينتبه بقية المصريين لوجود أي طقس احتفالي، في هذا اليوم، فضلاً عن غياب أي مظاهر تُحيل إلى وجود الثقافة الأمازيغية في مصر بالأساس، سواء على مستوى المناهج الدراسية، أو التناول الإعلامي أو حتى التمثيل السياسي، ذلك بالرغم من أن وجود الأمازيغ في مصر يقارب الثلاثة آلاف سنة.

الاحتفال بهذا العيد واعتباره بداية للتقويم الأمازيغي الموحد، يؤرّخ ليوم انتصار الزعيم الأمازيغي شيشناق على رمسيس الثالث عام 950 قبل الميلاد واعتلائه العرش الفرعوني، وتأسيسه الأسرة الفرعونية الثانية والعشرين، وهو التاريخ الذي أضحى بمثابة "بداية أخرى للتاريخ" بأثر الأمازيغ في مصر.

وبمناسبة أو من دونها، قرّرت مصر "الرسمية" هذه السنة إحياء الذكرى (بعد مضيّ 2967 سنة على انتصار شيشناق) وذلك حسبما صرّحت الناشطة الأمازيغية المصرية، أماني الوشاحي، التي اعتبرت مشاركة الجهات الرسمية في إحياء الذكرى في واحة سيوة، بمثابة "اعتراف بالثقافة الأمازيغية الضاربة بجذورها في مصر"، ولا ترى الوشاحي هذا الاعتراف كافياً، بل تشير إلى مطلب ترسيم المناسبة من خلال اعتبارها "عيداً وطنياً لكلّ المصريين، وضمّها لقائمة العُطل الرسمية" أسوة برأس السنة الميلادية، حسب التقويم القبطي.

تتميّز مظاهر الاحتفال بعيد "يناير" في عدّة طقوس مشتركة بين الأمازيغيين في العالم، سيما في منطقة سيوة، منها إعداد كل أسرة لأطباق "الكسكسي" (الوجبة الشعبية لسكان شمال أفريقيا)، وتقديمها في احتفال شعبي، على أن تتقدّم كل مجموعة بشكل تلقائي نحو الأطباق الأقرب مسافة، وهي حيلة لتجاوز الخصومات، حيث يحدث أن يجد شخص ما نفسه في مائدة واحدة مع من يعتبره "عدواً"، لتكون الوجبة الينايرية موعداً للتسامح والتصافي بين الخصوم.

اللافت للانتباه أيضاً أن التقويم الأمازيغي وعلى خلاف التقويمات الأخرى المعتمدة في المنطقة (الميلادي والهجري..) غير مرتبط بـ "حدث ديني"، بل بواقعة تاريخية، فضلاً عن تقاطعه مع موسم الفلاحة، حيث تقول الأسطورة الأمازيغية، إن من يحتفل بـ عيد يناير، موعود بموسم حصاد وافر، وبحلول عام تشهد فيه البلاد نماءً وخيراً.

دلالات
المساهمون