مثقّفون جمعهم "ثويزا" وفرّقهم زيدان

18 اغسطس 2016
(يوسف زيدان في مهرجان ثويزا مؤخراً)
+ الخط -
منذ أيام، لم يتوقّف الكلام عن "سيجارة زيدان" التي أصبحت شهيرة مثل مواقفه وتصريحاته الغريبة التي يُعلنها من وقت إلى آخر؛ مثل إعلانه قبل أشهر أنه "سيعتزل الثقافة"، أو حديثه عن تاريخ الجزيرة العربية بوصفها منطقة لم تمرّ منها الحضارة وكل من فيها قبل الإسلام كانوا "سرّاق إبل"، أو حتى وهو يتحدّث عن جماليات اللغة العربية، فلا يرى أهمّ من نفاد طبعات كتبه مثالاً على أن العربية ولّادة.

لم يكن الأمر سوى نقطة تنظيمية للشاعر والصحافي المغربي ياسين عدنان، وهو يطلب من الكاتب المصري التخلّي عن سيجارته في ندوة كانت تبحث في "الحاجة الى التنوير"، ضمن فعاليات مهرجان "ثويزا" في طنجة، وربما كانت لتمرّ بسلام لو لم يجعل منها صاحبها قصّة طريفة ومستفزّة في آن، تُضاف إلى طرائفه.

لكن السيجارة لم تعد هي المسألة، بل تبدو كما لو أنها القشّة التي فجّرت احتقاناً في الوسط الثقافي، ليس فقط في المغرب، بل في البلاد العربية. وقد تفاقم الأمر بعد أن كشفت بعض الوسائل الإعلامية عن قيمة التعويضات المادية التي استفاد منها بعض الضيوف العرب في المهرجان، مثل الشاعر المصري هشام الجخ، الذي ذكرت مصادر مختلفة أنه تقاضى ما قيمته 15 ألف دولار عن مشاركته، فيما تقاضى زيدان أربعة آلاف، هو ما نفاه الأخير وإدارة المهرجان معاً.

لم يتوقّف الأمر هنا؛ فبعد عودة صاحب "عزازيل"، أول أمس، إلى بلاده، نشر تدوينة زادت من حدّة الموقف، خصوصاً حين وصف عدنان بـ "المذيع المغمور" وتحدّث عن غيرة المثقّفين المغاربة منه بسبب الحضور الكبير لمحاضراته. اللافت أن الكاتب لم يكُن أميناً في نقل ما حدث، فبعكس زعمه أن عدنان تحدّث معه بـ "صراخ هستيري"، رأى الجميع أن الشاعر المغربي خاطبه بلباقة.

وبدلاً من تناول الحادثة و"سلوك" زيدان فيها، بشكل فردي، أصبح الكلام على مستوى العلاقة بين المثقفين في مصر والمغرب. ثم تطرّق إلى التعامل مع الشعراء المغاربة، بعد أن كشفت أرقام المكافآت "المهينة" التي تلقوها مقارنة بمكافآت الكتّاب العرب، ففي ندوة "شعراء يتحدّثون عن شكري" تراوحت التعويضات ما بين 52 دولاراً و210 دولارات للشعراء المغاربة، وهناك من مُنعت عنه المكافأة أصلاً.

ما بين سيجارة "زيدان" ومكافآت الشعراء، في مهرجان كان يتناول "التنوير" والثقافة في المقام الأول، تتناسل الأسئلة وتُعرّي بعضاً من أمراض الجسد الثقافي العربي العليل. وحين تقام الندوات تلو الندوات، لمساءلة فشل المشاريع النهضوية العربية، يكفي أن نسأل "جحا" هل حملت معك لفافة تبغ، لكي ينفضّ النقاش أو يفشل.

المساهمون