عادةً ما يصل الفن إلى الجمهور من خلال ألبومات مسجلّة، قد يجري تصوير بعض أغانيها، لكن مع المغنّي المصري، رامي عصام، كانت المعادلة معكوسةً؛ فالفنّان طرح أغانيه وسط الشارع في زحام ميدان التحرير أثناء ثورة 25 يناير 2011. وبعد خمس سنوات من الثورة، ما يزال عصام يعمل على تسجيل تلك الأغاني التي عرفها الجمهور المصري وتفاعل معها قبل ذلك.
تجربة أعادت الفن إلى الشارع، مثلما بدأت تجارب أحمد فؤاد نجم وزين العابدين فؤاد والشيخ إمام، وغيرهم. كلماتٌ كتُبت داخل اعتصام، أو بعد اشتباك، أو بعد تشييع جثمان شهيد، لتضخّ دماءً جديدةً في أوردة الأغنية السياسية والثورية التي كانت تعتمد، وما زالت، على أرشيف الأغاني السياسية في الستينيات والسبعينيات.
من استوكهولم في السويد، يراكم عصام خبراته الفنية من خلال منحة للفنانين حصل عليها منذ عام ونصف. تجربة يقول عنها، في حديثٍ إلى "العربي الجديد" إنها ساعدته في تطوير نفسه على مستوى الموسيقى؛ "إذ أستطيع تقديم جودة تخدم المشروع الخاص بي بشكل عام، إلى جانب أن فترة إقامتي في السويد ستمكنني من تقديم مشاريعي الفنية على نطاق أوسع".
تعرّض صاحب "ممنوع" إلى انتقادات بسبب خروجه من مصر، والإقامة في السويد، مبتعداً بذلك عمّا يحدث في بلده. لكنه يرى أن السجن تجربة لا يتمنّى تكرارها، خصوصاً أنه تعرّض إلى التعذيب أثناء اعتقاله الأول، إلى جانب أن خروجه من مصر جاء بعد تهديدات كثيرة بالتعذيب في حال جاء دوره في التجنيد الإجباري، ولا سيما بعد أغنيته "طاطي طاطي" وأغانيه التي تسخر من الشرطة والعسكر. يقول: "سأعود إلى مصر وهذا قرار محسوم، لكني سأحاول تحصين نفسي بكل الطرق الممكنة قبل عودتي".
ورغم الابتعاد المكاني، إلا أن الفنان يتابع المشهد السياسي في بلده، ويحاول خلخلة النسيان الذي يحدث طوعاً أو كرهاً للثورة المصرية، فقد طرح في الذكرى الخامسة للثورة أغنية "دبورة وشورت" مصوّرةً.
يقول: "الذكرى الخامسة للثورة كانت صعبة لأنني لم أكن موجوداً في مصر، وكانت أصعب عندما علمت أن الحراك لم يكن له فرصة الظهور، وأن الأمن نزل إلى الشوارع ليحتفل بعيد الشرطة. كان هذا متوقّعاً، لذلك طرحت أغنية "دبورة" بالفيديو الجديد، للتذكير أن هذا اليوم يومنا حتى لو قرّروا سرقته مرة أخرى. سنظل نتذكّر أن 25 يناير يوم الثورة، وليس يوم الداخلية".
ولاعتماد أغاني عصام على المشهد السياسي في مصر بشكل أساسي، فإن متابعات وتحليلات هذا المشهد لا يمكن أن تمرّ دون تقديم تصوّر عمّا يحدث هناك. يرى الفنان أن مصر "تعيش فترة صعبة للغاية؛ فالوضع ازداد سوءاً عمّا قبل ثورة يناير". يوضّح: "يتمثّل هذا الأمر في النظام الحالي المهتز والضعيف والخائف من السقوط مثل الأنظمة التي سبقته؛ فيحكم بروح انتقامية من أي تيار مضاد".
يضيف: "المشهد السياسي مُضطرب، والنظام يُحاصر المعارضة بكل أشكالها، فيعتدي على حرية التعبير، ويضبط الحريات السياسية كأنه يقول: إما أن تكون تابعاً للنظام، وإما ألا تكون لك حصّة في التورتة".
يغنّي عصام خلال فترة إقامته في الخارج في عدة بلدان، منها كندا وألمانيا وأميركا. يقدّم الأغاني نفسها التي اعتاد أن يؤدّيها في الميدان، مثل "ارحل" و"مجلس ابن حرام": "ما زلت أؤدّي هذه الأغاني تحديداً لأن الأهداف التي كُتبت من أجلها لم تتحقّق حتى الآن".
أحدث أغاني عصام هي "يا عسكري"، كما يعمل حالياً على التحضير لألبوم جديد سيطرحه هذا العام، وينوي البدء في ثنائيات غنائية تجمعه بأجانب وعرب لأهمية التجارب المشتركة، كما يقول، إلى جانب عمله مع "فرقة إكس"، التي تضمّ رامي صدقي ومحمود فوزي، حيث يُنتظر أن يطرح من خلالها أغانيَ جديدة.
اقرأ أيضاً: موسيقى ثورة يناير: حالة حصار