"عندما تقتل حيواناً ستأكله، عندما تقتل طيراً ستأكله، لكن، عندما تقتل إنساناً.. هل ستأكله!؟"، بهذه الكلمات استهلّت مغنية الزولا القادمة من جنوب أفريقيا نيلنلا نسايزيه، العرض الموسيقي الراقص من جنوب أفريقيا الذي نُظّم مؤخراً في "دار الأوبرا السلطانية" في مسقط.
أغانٍ تدعو إلى السلم في زمن الحرب، كان ثيمة الحفل الذي قدّمه ثنائي البوب الأفريقي "مافيكيزولو" (تعني الوافدون الجدد)؛ نسايزيه وثيو كغسينغويه، يرافقهما فرقة "ملكات الماهوتيلا" النسائية، وعازف الجاز على آلة الترومبيت هيو ماسيكيلا.
ابتدأ الثنائي بمجموعة من أغاني الهيب هوب مع رقصات إيقاعية سريعة، في ما قدّمت "ملكات الماهوتيللا"، التي تأسست عام 1964، رقصات شعبية مستوحاة من الموسيقى التقليدية لبلادها، وبالأخصّ موسيقى قبيلة الزولو الحماسية؛ من أبرزها رقصة البانتسولا التي تفاعل معها الجمهور وقوفاً، رغم أنّ تقاليد قاعات الأوبرا لا تسمح بذلك عادة، وهي رقصة حيوية سريعة الإيقاع يلعب فيها الغيتار دوراً رئيسياً مع حضور واضح للطبول بمختلف أنواعها.
اُختتم الحفل بعازف الجاز هيو ماسيكيلا (1939)، وهو مؤلّف موسيقي ومغنٍ تُجسّد موسيقاه الظروف الاجتماعية والسياسية التي سادت جنوب أفريقيا في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، حيث الشجن والحزن وأزمنة التمييز العنصري، مودّعاً الحاضرين الذين وقفوا له طويلاً، وهو يؤدي أغنيته الأخيرة التي تقول: "يجب على الإنسان أن يتوقّف عن الحرب، لأن العالم كان موجوداً قبل الإنسان"!
يُذكر أن ماسيكيلا هاجر من جنوب أفريقيا إلى لندن عم 1960، وهو أحد المعارضين البارزين لنظام التمييز العنصري الذي امتدّ في حكم بلاده عقوداً، وقدّم في المنفى أغانٍ عديدة؛ كانت أبرزها "أعيدوه إلى الوطن"، وهي أغنية أصبحت النشيد الرسمي لـ "المؤتمر الوطني الأفريقي" الذي قاده الراحل نيلسون مانديلا، وقد سبقها ألبومين: "للأعلى للأعلى وبعيداً" (1967)، و"الرعي في الأعشاب" (1968)، وفي أوائل التسعينيات عاد إلى بلده الأم، وقد أصدر عام 2004 سيرته الذاتية بعنوان "ما زلت أرعى .. الرحلة الموسيقية لهيو ماسيكيلا".