الثقافة في موريتانيا: انتفاضة افتراضية

27 يناير 2016
ضياء عزّاوي/ العراق
+ الخط -

ضمن حراك افتراضي على مواقع التواصل الاجتماعي، يستعير عدد من المثقّفين الموريتانيين مصطلح "الانتفاضة" للفت انتباه المسؤولين إلى وضع المشهد الثقافي في البلاد.

لكن الحراك وإن بدأ افتراضياً، فإنه لم يلبث أن تحوّل إلى حركة احتجاجية باسم "الانتفاضة الثقافية"، تُطالب بـ "إنقاذ الثقافة وإعطائها الأولوية ضمن برنامج الدولة، ووقف النزيف المتواصل للعمل الثقافي".

"نبحث عن المكانة المفقودة للثقافة والمثقّف الموريتانيين"، يقول المخرج السينمائي سالم دندو، أحد مطلقي المبادرة في حديث إلى "العربي الجديد".

يرى دندو أن ثمّة العديد من المعوّقات التي تقف حجر عثرة أمام ازدهار العمل الثقافي في موريتانيا؛ ومنها "افتقار وزارة الثقافة إلى كفاءات متخصّصة في إدارة الشأن الثقافي، وغياب بُنى تحتية تسمح بإقامة الأنشطة، خصوصاً بعد تحويل دور الشباب في العاصمة إلى مشاريع معاهد لسدّ الفراغ الحاصل في التدريب، ما ضيّق على ممارسة أنشطة الجمعيات التي لم يبق لأغلبها سوى الشارع".

لا يُخفي المتحدّث تخوّفه من استمرار ما يسميه "اختطاف قطاع الثقافة" من قبل موظّفين في الوزارة "يهيمنون على القرارات الهامّة، ويوجّهون سياسة القطاع تبعاً لما يخدم مصالحهم الخاصّة على حساب الصالح العام".

يضيف: "ثمّة تفشٍّ حاد للفساد والرشوة والمحسوبية والزبائنية في منح الدعم المالي للجمعيات والتظاهرات الثقافية والفنية التي تنظّمها الوزارة، وأيضاً منافسة غير شريفة من قبل جمعيات غير نشطة يمتلكها، بشكل مباشر أو غير مباشر، بعض مسؤولي قطاع الثقافة أو أقاربهم"، منتقداً غياب تنظيم مهرجانات ثقافية ووطنية ودولية متخصّصة.

يرجع فاعلون ثقافيون ما يصفونه بتراجع في العمل الثقافي إلى عدّة أسباب من بينها "غياب سياسات ثقافية مدروسة، وضآلة الدعم المخصّص للمهرجانات التي تنظّمها الجمعيات في مجالات السينما والمسرح والموسيقى"، داعين إلى "مراجعة وضبط لائحة الجمعيات والاتحادات الثقافية والفنية العاملة في قطاع الثقافة لمنحها الامتيازات على أسس ممارسة النشاط والفاعلية، ورصد جوائز لتحفيز وتشجيع الإبداع في مختلف مجالات الثقافة والفنون".

ورَفعت وثيقة أصدرتها "الانتفاضة الثقافية" جملة من المطالب القريبة والمتوسّطة المدى، داعيةً الحكومة الموريتانية إلى تنفذيها، ومن أبرزها تفعيل المعهد الفنّي الوحيد في البلاد، وإعادة تسميته وضبط اختصاصاته، وإنشاء صناديق وطنية لدعم الثقافة والفنون، إضافةً إلى إدراج جائزة للفنون ضمن جوائز شنقيط السنوية، والعمل على حل مشكلة تداخل الاختصاصات الإدارية بين قطاعَي الثقافة والإعلام بشأن السينما، والتداخل بين قطاعات الثقافة والشباب والرياضة بشأن المنشآت والجمعيات والأنشطة الشبابية.

كما تطالب الوثيقة الحكومة الموريتانية بإنشاء قناة ثقافية عمومية متخصّصة، وتفعيل قانون الملكية الفكرية من أجل "ضمان حقوق كل المبدعين"، وسن قانون يضبط وضعية الفنان، وتشجيع الإبداع الثقافي والفني من خلال تنظيم مسابقات تغطّي مختلف المجالات الإبداعية، وتفعيل الاتفاقيات الثنائية بين وزارة الثقافة الموريتانية ونظيراتها في بلدان أخرى.

مطالب النشطاء الثقافيين "المنتفضين" شملت أيضاً مجالَي التراث والآثار؛ حيث دعوا إلى إجراء جرد كامل للتراث الثقافي اللامادي في البلاد، وإنشاء مؤسّسة تتولّى الحفاظ على التراث الثقافي، إلى جانب وضع قاعدة بيانات تضمّ خريطة ومواقع الآثار ومواقع الذاكرة الوطنية والتاريخية.


اقرأ أيضاً: الآثار الموريتانية.. كباقي الوشم في ظاهر التاريخ

دلالات
المساهمون