إن كنتَ تفكّر في زيارة قسنطينة التي تحتضن هذا العام احتفالية "عاصمة الثقافة العربية"، فهذه الأيّام مناسبة للقيام بذلك. تحتضن "مدينة الجسور المعلّقة"، منذ أمس وعلى مدار أسبوع، مهرجانها السنوي الخاص بموسيقى "المالوف" التي تحظى بمكانة خاصّة في نفوس أهلها، بوصفها واحدة من أبرز معالمها الثقافية والحضارية.
"المالوف" هو أحد أنواع الموسيقى الأندلسية التي هاجرت إلى المغرب العربي واستقرّت فيه. تختلف تسمياته من بلد إلى آخر ومن منطقة إلى أخرى؛ فهو "الغرناطي" في المغرب والغرب الجزائري و"الصنعة" في الجزائر العاصمة، و"المالوف" في تونس وقسنطينة التي تُلقّب أيضاً "عاصمة المالوف"، وفيها يتفرّع إلى عدّة طبوع، منها "العيساوة" و"الوصفان" و"الفقيرات" وهي أجواق نسائية تنشد المديح الديني.
انطلقت الدورة التاسعة التي تستمر إلى الثامن والعشرين من يوليو/ تموز الجاري، بحفل أحياه كلّ من المغنّي حمزة بن قادري وفرقة تحمل اسم "الشيخ رضوان بن صاري"، أحد روّاد المدرسة التلمسانية للموسيقى الأندلسية.
تسعى الفرقة المكوّنة من 26 عضواً، إلى الحفاظ على الموسيقى الأندلسية، من خلال إنشاء مدرسة لتعليم هذه الموسيقى ونقل أسرارها إلى الأجيال الجديدة وتوريثهم صنعتها.
قبل ذلك، استمع الحضور إلى وصلات موسيقية مستلهمة من التراث الجزائري، بأداء "نوبة زيدان"، أدّتها "الأوركسترا النسوية للمالوف بقسنطينة" التي تأسّست قبل سنتين.
يُشارك في الدورة فنّانون وفرق من تسع محافظات، تتنافس على جوائز المهرجان الثلاث. ويمثّل الفائزون الجزائر في المهرجان الدولي لموسيقى المالوف في تشرين أول/ أكتوبر المقبل. كما تشهد اختيار أفضل عازف وأفضل صوت رجالي وصوت نسائي.
نحو خمسين حفلاً يُقام خلال أيّام المهرجان، الذي يقول القائمون عليه إنهم يريدون أن يكون "فضاءً للتفاعل وتبادل الخبرات بين مختلف مدارس الموسيقى الأندلسية الجزائرية، وإثراء وتدوين التراث الموسيقي الأندلسي عموماً، وطابع المالوف خصوصاً".
وفي تلمسان غرب الجزائر، وبعد من إسدال الستار على "المهرجان الوطني لموسيقى الحوزي"، تنطلق غداً الدورة الثالثة من "أيام الطرب الأندلسي والحوزي للناشئين"، بمشاركة تسع فرق موسيقية مهتمّة بالتراث الأندلسي، منها "القرطبة" و"رياض الأندلس" و"أحباب الشيخ العربي بن صاري" و"غرناطة" و"الشيخ محمد بوعلي".
"الحوزي" طابع غنائي منتشر في مدن تلمسان والبليدة والعاصمة، يختلف عن "المالوف" الأندلسي، وإن كان يقترب منه؛ إذ يعتمد مقطوعات شعرية منظومة بالعاميّة، ويتميّز بقلّة اللجوء إلى النغمات المتعدّدة، وقصر المسافات الصوتية لمغنّيه.