العرّاب

23 يونيو 2015
خالد حافظ / مصر
+ الخط -

نشر الكاتب الإيطالي ليوناردو شاشه (1923 ـ 1989) كتيباً عنوانه "تاريخ المافيا" عام 1972. وتضمّن تعريفاً وجيزاً وعميقاً مفاده أن المافيا هي وسيط طُفيلي بين المواطن والدولة، يبتزّهما معاً.

وأكّد شاشه في عدة مناسبات أن المخرج هو الإيمان الحقيقي بمؤسسات الدولة المتمثلة في برلمان منتخب وقضاء نزيه مستقل وحكومة شفافة وصحافة حرة. وأنه إذا غابت الدولة، ظهرت العصابات المافيوية التي تسعى بكل الوسائل مثل النهب والتهديد والفساد والعنف إلى خلق دولة موازية أو دولة عميقة.

إن توظيف مقاربة المافيا لفهم الواقع العربي ليس غريباً أو اعتباطياً، فالقرائن والأدلة متوفرة منذ سنين وأمام أعيننا. إن فكرة الدولة عندنا كمؤسسات ذات مصداقية ضعيفة جداً وثقة المواطن فيها هشة مما يفتح المجال دائماً أمام مجموعات مصالح تتحرك وفق ذهنية مافيوية.

في هذا السياق، تثير مسألة اقتباس مسلسلين سوريين في وقت واحد، من رواية لكاتب أميركي من أصل إيطالي هو ماريو بوزو (1920ـ 1999) العديد من التساؤلات، أليست المافيوية حاضرة بنسخها العربية المحلية منذ وقت طويل؟

ما الحاجة إلى اقتباس رواية قديمة جرى تحويلها من قبل إلى ثلاثية سينمائية بإخراج فرنسيس فورد كوبولا؟ ألا يقدّم الواقع السوري أو العربي مادة درامية كافية في هذا المجال حتّى نلجأ إلى "العرّاب"؟


* روائي وأنثروبولوجي جزائري مقيم في نيويورك

المساهمون