يقارب الباحث يوسف حسين عمر في كتابه "تركيا: التاريخ السياسي الحديث والمعاصر (1923-2018)" الذي صدر حديثاً عن "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" تاريخ الدولة التركية منذ نشأتها حتى وقتنا الحاضر، وفق منهجية علمية محايدة تعتمد منهج البحث التاريخي، وتطرح الحقائق التاريخية، ووجهات النظر، ووجهات النظر الأخرى، بعيدًا من التعصب القومي والديني والمذهبي، وتعتمد في الأساس المصادر والمراجع الأصيلة والأساسية ذات العلاقة المباشرة.
يتناول الفصل الأول "الدولة العثمانية من الحرب العالمية الأولى حتى إعلان الجمهورية (1914–1923)"، مرحلة حرجة تبدأ منذ دخول العثمانيين الحرب العالمية الأولى إلى جانب ألمانيا ضد بريطانيا وفرنسا، والاتفاقيات السرية التي استهدفت الدولة العثمانية آنذاك، وبروز المشكلة الأرمنية بعد هزائم الدولة العثمانية، وبروز شخصية مصطفى كمال أتاتورك، وحرب الاستقلال التركية (1919–1922)، والانتصارات التي حققتها المعارضة الوطنية في جبهات القتال وتوقيع هدنة مودانيا (12 أكتوبر/ تشرين الأول 1922) بين المعارضة الوطنية ودول الوفاق، وصولاُ إلى اعتراف دول الوفاق بتركيا الحديثة، ودخول قوات المعارضة الوطنية بقيادة شكري نائلي باشا إسطنبول (6 أكتوبر/ تشرين الأول 1923).
أمّا في الفصل الثاني: "أتاتورك وإعلان الجمهورية التركية (1923-1938)"، فيتحدث المؤلف عن إلغاء أتاتورك السلطنةَ العثمانية وما أثاره من ردات فعل مُعارضة وغاضبة، واتخاذه الإجراءات اللازمة لعلمنة تركيا الحديثة؛ ما أدى إلى اندلاع ثورة كردية بزعامة بديع الزمان سعيد بيران.
يعتمد المؤلف منهج البحث التاريخي وطرح الحقائق التاريخية، ووجهات النظر ووجهات النظر الأخرى
يناقش الفصل الثالث: "تركيا من عهد عصمت إينونو حتى انقلاب عام 1960"، انتخاب عصمت إينونو رئيسًا لتركيا، وموقفه من الحرب العالمية الثانية، والضغوط الأوروبية على تركيا لنشر الديمقراطية، بعد تصاعد نشاط الشيوعيين، والتي أفضت إلى انتخابات 14 مايو/ أيار 1950، وقد نجح فيها الحزب الديمقراطي والحكم في تركيا.
ويتناول الفصل الرابع: "الجمهورية التركية الثانية (1960-1980)"، انقلاب 27 مايو/ أيار 1960 العسكريّ، ودور الأساتذة الجامعيين في الحياة السياسية في تركيا، وتشكيل لجنة الوحدة الوطنية، والتكتلات التي ظهرت في هذه اللجنة، وموقف المؤسسة العسكرية منها، والعودة إلى النهج الديمقراطي في تركيا، مع دراسة أسباب تغيّر مواقف حزب الشعب الجمهوري في اتجاه يسار الوسط، وتنامي اليسار التركي، ونشأة اتحاد العمال، وصعود اليمين المتطرف، وصعود حركات الإسلام السياسي في تركيا من جهة أخرى.
ثمّ يتحدث المؤلف في الفصل الخامس: "الجمهوريّة التركية الثالثة (1980–2002)"، عن الانقلاب العسكري في عام 1980 ونتائجه التي أدت إلى استئصال النظام السياسي القائم في تركيا من جذوره، وقمعت الحكومة بموجبه المعارضين والإرهابيين على حد سواء، كما يتناول إعلان الدستور التركي الجديد، وأسباب قيامه، ومحاولات استعادة الديمقراطية، ولو على نحو جزئي، ويتطرق المؤلف، أيضًا، إلى ظهور بيوت المتنوّرين، ودورهم في الحياة السياسية التركية، وتنامي نفوذ التيارات الإسلامية.
يبحث الفصل السادس: "السياسة الداخلية والسياسة الخارجية لتركيا (1980–2002)، في سياسة تركيا الداخلية، وأهمها تنامي المشكلة الكرديّة والسياسة التركية القومية، والحرب التركية ضد حزب العمال الكردستاني حتى الانتصار عليه.
يعالج الفصل السابع: "الجمهورية التركية الرابعة - تركيا في عهد حزب العدالة والتنمية (2002–2018)"، ظروف نشأة حزب العدالة والتنمية وتأسيسه، ونجاحه في الانتخابات التركية العامة التي أُجرِيَت في 3 نوفمبر/ تشرين الثاني 2002، لتبدأ مرحلة جديدة من مراحل الحياة السياسية في تركيا.
ويدرس المؤلف في الفصل الثامن: "السياسة الخارجية لحكومة حزب العدالة والتنمية تجاه الغرب (2002–2018)، العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي، وجدول الأعمال الإيجابي، والتطورات الأخيرة في العلاقة بين الطرفين، مع دراسة مُستفيضة للفوائد التي ستعود على تركيا في حال انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي، ودراسة القضايا الشائكة التي تَحُول دون هذا الانضمام إليه، وهي متمثّلة بالمشكلة القبرصية، والمشكلة مع اليونان، ومشكلة الدين، والاعتراف بإبادة الأرمن، وحقوق المِثليين، والقانون العسكري.
يُبرز الفصل التاسع: "العلاقات الخارجية الإقليمية لحكومة حزب العدالة والتنمية (2002–2018)، العلاقة بين تركيا وإيران، ويهتمّ كذلك بالعلاقة بين تركيا و"إسرائيل" بعد تولي حزب العدالة والتنمية الحكم، وتدهور العلاقات بين البلدين، والعلاقات بين تركيا ومصر منذ جمال عبد الناصر حتى تولي عبد الفتاح السيسي الرئاسة، والعلاقات مع العراق، وأيضاً مع سورية، من فترة التعاون والانفتاح واستراتيجية القوة الناعمة لحزب العدالة والتنمية، والثورة السورية وأثرها في عودة الخلافات بين البلدين، وجهود تركيا في مؤتمر أستانة لحل الأزمة السورية وإنهاء الحرب الأهلية.
يتحدث عمر في الفصل العاشر: "الانقلاب العسكري الفاشل في تركيا (2016)"، عن بداية الانقلاب في 15 يوليو/ تموز 2016، وقدرة الحكومة التركية على استيعابه، والصراع، والتحول من حالة الدفاع إلى الهجوم، وفشل الانقلاب، مع تحليل أسباب فشله، وردّات الفعل المحلية والدولية تجاهه، ولجوء قادة الانقلاب العسكريين والمدنيين إلى اليونان ودول أوروبية، وتأثير الانقلاب في علاقة تركيا بألمانيا.