تُعدُّ "المكتبة الخالدية" في القدس المحتلَّة إحدى أقدم المكتبات في فلسطين والمنطقة العربية؛ إذ يعود افتتاحها إلى عام 1900. وكانت حينئذ تضمُّ أكثر من ألف وخمسمئة كتاب. لكنَّ تاريخها يعود إلى ما قبل ذلك بقرابة مئتَي سنة؛ حيث شُرع في تجميع أوّل نواةٍ لمخطوطاتها عام 1720.
تقع المكتبة، التي تحمل اسمَ عائلة الخالدي المعروفة في القدس، في قلب البلدة العتيقة على مقربةٍ مِن الحرم الشريف مِن الناحية الجنوبية مِن طريق باب السلسلة، وتُطلُّ على البراق وحي المغاربة السابق. وتحتوي على عددٍ كبيرٍ من الكتب والمخطوطات النادرة بالعربية والفارسية والتركية في الآداب والتاريخ والجغرافيا وعلم الفلك والعلوم الدينية وغيره.
ورد ذكْر المكتبة في العديد من المؤلَّفات الحديثة والمعاصرة. وقبل قرابة عشرين عاماً، كانت موضوعاً لكتاب ألّفه الباحث والأكاديمي الفلسطيني وليد الخالدي بعنوان "المكتبة الخالدية في القدس، 1720م - 2001م"؛ وهو الكتابُ الذي صدرت نسختُه العربية قبل أيام عن "مؤسّسة الدراسات الفلسطينية" والمكتبة الخالدية". ويتزامَن صدور النسخة العربية مع صدور الطبعة الثانية مِن النسخة الإنكليزية.
يُوثّقُ الخالدي، في الكتاب، للمكتبة، متتبّعاً ظروف تأسيسها كمكتبة عمومية وتطوُّرها، وأبرز التغيُّرات التي مرّت بها في مراحل مِن تاريخ فلسطين؛ مثل النكبة عام 1948، ثمّ احتلال "إسرائيل" للقدس الشرقية عام 1967، ومُسّلطاً الضوء على ما حلّ بها حتى عام 2000، وكيف قامت "جمعية أصدقاء المكتبة الخالدية وأفراد من العائلة بحفظ هذا الموروث وتطويره.
وُلد الخالدي في القدس، وتخرّج مِن جامعتي لندن وأكسفورد، وعمل في عددٍ من الجامعات في البلاد العربية والغرب، وصدرت له العديد من الكتب بالعربية والإنكليزية؛ مِن بينها: "قبل الشتات: التاريخ المصوّر للشعب الفلسطيني 1876 - 1948" (1987)، وكي لا ننسى: قرى فلسطين التي دمرتها إسرائيل سنة 1948 وأسماء شهدائها" (1997)، و"الصهيونية في مئة عام: من البكاء على الأطلال إلى الهيمنة على المشرق العربي (1897 - 1997)" (1998)، و"خمسون عاماً على تقسيم فلسطين (1947 - 1997)" (1998)، و"دير ياسين: الجمعة، 9/4/1948" (1998)، وخمسون عاماً على حرب 1948: أولى الحروب الصهيونية - العربية" (1998)، وأرض السفارة الأميركية في القدس: الملكية العربية والمأزق الأميركي" (2000)، و"القدس: من العهدة العمرية إلى كامب ديفيد الثانية" (2001).