وقفة مع لينا هويان الحسن

04 نوفمبر 2021
لينا هويان الحسن
+ الخط -

■ ما الذي يشغلك هذه الأيام؟
لم أنشغل في يومٍ بغير: طقوسي اليوميّة، وعالمي الذي صنعته حولي كما أشتهي، وكما أحببت، أحرسه، وأصونه وأعتني به، الروتين الذي كرَّسته وفق رغباتي وأحلامي. كلُّ شيء في حياتي يشبه الساعتَين الصباحيَّتين المبكِّرتين بين الساعة الخامسة صباحًا والسابعة، أُخصّصهما للكتابة، وبعدها أذهب للمشي الصباحيِّ بمحاذاة البحر، ثم تناول الفطور مع من أُحب.

 

■ ما هو آخر عمل صدر لك وما هو عملك القادم؟
"أنطاكية وملوك الخفاء" أحدث ما كتبت. لطالما فتنتني خرافة قديمة، تقول إنّ نهر "العاصي" تمرَّد وعصى واتّجه على نحوٍ مخالف، فتصدَّت له جنيَّة أنطاكيّة، ولوت عنقه وأجبرته على الانعطاف، ليصبّ أخيراً في المتوسّط. هل هناك أروع من نهر متمرّد ومثير للشغب، وأنثى شجاعة تهزمه وترغمه على تغيير مساره، اندسست هنا كطرف لعوب في حكاية جنية ونهر؟ من الصعب التكهُّن بالعمل القادم، أو الحديث عنه.

 

■ هل أنت راضية عن إنتاجك ولماذا؟
"الرضا" مفردة تلازمني في حياتي اليوميّة، لكن في ما يتعلّق بأعمالي الأدبية، فإنّي أكتفي بالقول إنّي راضية عن الجهد الذي أبذله، وأتوقّف عند هذه النقطة، الباقي من حقّ القارئ.

 

■ لو قيّض لكِ البدء من جديد، أي مسار كنت ستختارين؟
لن يتغيّر شيء. سأكون هنا، على أرض الأدب الوعرة. سأسبح مجدَّداً وأخوض غمار هذا الموج العاتي الذي يحفِّزني على الحياة. سأتوق للعواصف والأعاصير، سأعيد الكرّة مرّة أُخرى، وبالشغف ذاته دون جدال. نعم، اخترتُ قلعة الأدب ألوذ بها هرباً من حزن هذا العالم الجميل الذي ينتصر فيه القبيح والسيئ والأسوأ.

أسقي حديقتي دون أن أرتكب حماقة الانتظار

■ ما هو التغيير الذي تنتظرينه أو تريدينه في العالم؟
شخصياً لا أنتظر شيئاً، وكلُّ ما أريده آخذه بقبضتي. لست مجنونة إلى الحدّ الذي قد أحلمُ فيه أن يكون هذا العالم أفضل: عادلاً مثلاً، لا يسمح بقتل الأبرياء! لا يتفرَّج على إبادة حضارات وشعوب بأكملها! عالم لا يُصنّع الأسلحة كما يصنّع الأحذية! لا لن يحدث ذلك، هذا العالم نتاج لذهنية البشر الجشعة والحقودة، سيبقى يأكل نفسه حتى يفنى. لهذا أشتغل على نفسي وأسقي حديقتي دون أن أرتكب حماقة الانتظار.

 

■ شخصية من الماضي تودين لقاءها، ولماذا هي بالذات؟
فلنُنقذ الحاضر، أؤمن باللحظة الراهنة، أحلمُ بلقاءِ أحد من المستقبل البعيد. شخوص الماضي قالوا ما لديهم وانتهى.

 

■ صديق/ة يخطر على بالك أو كتاب تعودين إليه دائماً؟
الأصدقاء؟! لا يخطرون على بالي إلّا كذكرى، فأنا أغيِّرهم بين وقت وآخر، لأن الصداقات كما كل شيء في حياتنا، تصدأ إذا لم نجدِّدها، يصمد منهم النادر والاستثنائي. أمّا الكتب فإنها إحدى أجمل ملذّاتي، ثمَّة كتب أعود إليها دائماً، تمنحني قراءتها متعة رهيبة لا أفهم سرّها، مثلا كتاب "الدروب الظليلة" للروسي بونين.

 

■ ماذا تقرئين الآن؟
لربما السؤال ما الذي لا أقرأه! يمكنك سؤال مكتبات بيروت، تحديداً مكتبتَي "الرافدين" و"بيسان"، لأنّي من الزبائن المجانين بالكتب. أسكن في منطقة راس بيروت، وأعيش في جوار جنون شارع الحمراء، بمكتباته ومقاهيه، تمرّ نهاراتي في صخب حقيقي: قهوة، ثرثرات، ونمائم مضحكة، وشراء كتب جديدة وتبادل الآراء حول ما نقرأ... لا أعتقد أن هنالك مكانا أكثر "صحيّة أدبية" من حمراء بيروت للكتاب.

 

■ ماذا تسمعين الآن وهل تقترحين علينا تجربة غنائية أو موسيقية يمكننا أن نشاركك سماعها؟
سؤالك في محلّه، لأنّي أسمع ولا أشاهد، فقد رميت جهاز التلفزيون من منزلي منذ ثلاث سنوات، واقتنيت راديو. لا يمكنني التصالح مع رداءة ما ينتجه العالم العربي حالياً من غناء ودراما وسينما. لازمتني "الكلاسيكية" في ذائقتي، ما أسمعه كما الثياب التي أنتقيها، وكما تسريحة شعري، وكما الأماكن التي أرتادها، وكما الوجبات التي أطبخها، أو أطلبها في المطاعم. كل شيء تقريبا "كلاسيك". أتجنّب الانتماء إلى زمن الجينزات الممزّقة.


بطاقة
روائية وشاعرة سورية من مواليد عام 1977، تعمل في الصحافة منذ 2003، وتقيم في بيروت، صدرت لها عشر روايات، هي: "معشوقة الشمس" (1998)، و"التروس القرمزيّة" (2001)، و"التفاحة السوداء" (2003)، و"بنات نعش" (2005)، و"سلطانات الرمل" (2009)، و"نازك خانم" (2014)، و"الماس ونساء" (2014)، و"البحث عن الصقر غنّام" (2015)، و"الذئاب لا تنسى" (2015)، و"أنطاكية وملوك الخفاء" (2021). كما صدرت لها ثلاث دراسات: "مرآة الصحراء" (2000)، و"آنا كارنينا - تفاحة الحلم" (2004)، و"رجل وقبائل" (2013)، ومجموعة شعرية بعنوان "نمور صريحة" (2011).

وقفات
التحديثات الحية
المساهمون