نظّمت "مؤسسة عبد الحميد شومان"، في عمّان، ندوة افتراضية مؤخراً، موضوعها "آثار وسائل التواصل الاجتماعي على الوطن العربي"، شارك فيها الأكاديميان اللبناني جاد ملكي أستاذ الإعلام من "الجامعة اللبنانية الأميركية"، ومن الكويت الباحثة فاطمة السالم أستاذة الإعلام في "جامعة الكويت"، وأدار الحوار خالد الأحمد وهو باحث ومؤلف في مجال بناء الهوية والاستراتيجيات الرقمية.
في البداية، تناول ملكي الدراسة التي أجراها مؤخراً، وتناولت استخدام اللبنانيين للإعلام خلال جائحة كورونا، للوصول إلى معلومات حول الوباء، وعلاقة ذلك بمواضيع مختلفة منها "الامتثال إلى الوقاية من الفيروس، أو معرفه أمور مختلفة عنه، أو مؤشر الإيمان بالخرافات المرتبطة بكوفيد-19. العينة ضمّت 1536 من المقيمين في لبنان في آذار/ مارس الماضي بهامش 2.5 من الخطأ، وكشفت الدراسة أن غالبية أفراد العينة يتابعون أخبار كورونا من التلفزيون ووسائل التواصل الاجتماعي.
أما في ما يتعلّق بمؤشر الثقة، فقد حازت الحكومة على المؤشر الأقل من في ثقة اللبنانيين بالمعلومات الصادرة منها عن الفيروس، وكان هناك تأويلات للفيروس ترتبط بالخرافات أو نظريات المؤامرة.
غيرت أزمة كورونا كيف يفكر الناس في مصادر المعلومات، ودفعت إلى عالم من الخرافات
ركّز ملكي على فكرة التربية الإعلامية، وعلاقته بالسلوك الاجتماعي، حيث أجرى البحث مقارنات حول الفرق بين متابعي التلفزيون ومتابعي وسائل التواصل، والتي كشفت كيف أن متابعي وسائل التواصل الاجتماعي كانوا أكثراً إيماناً بالخرافات، والأقل امتثالاً لأساليب الوقاية، وهذا يلفت إلى أثر هذه الوسائل في خلق حالة من التخبط والجهل في المعلومات.
بدورها، تناولت السالمي دراسة أجرتها مؤخراً حول مصداقية الإعلام الرسمي خلال الأزمات، وأخذت كورونا نموذجاً، استهدفت الباحثة مؤشر ثقة الناس بالوسائل الإعلامية الرسمية، منطلقة من طرق تفكير المجتمع الكويتي الذي بطبيعته مجتمعاً سياسياً نقدياً في ما يخص هذه الوسائل، وكشفت أنها لاحظت تغير موقف الناس في الوسائل خلال الأزمة، حيث زادت ثقة الناس بوسائل الإعلام الرسمي خلال الأشهر الماضية. وتلفت السالمي إلى زيادة كبيرة في متابعة وسائل التواصل الاجتماعي دون أن ترافق هذه الزيادة ارتفاع في الثقة بهذه الوسائل.
طرح ملكي والسالمي مختلفان من حيث موقف المواطن من الإعلام الرسمي، ففي حين كانت ثقة اللبنانيين في المصادر الرسمية ضئيلة، بل هي الأقل في الدراسة، بينما زادت ثقة الكويتين في الإعلام الرسمي خلال الأزمة.
يرى ملكي أن هذه النتيجة هي مؤشر على غياب التربية الإعلامية، وضرورة التركيز على أخذ موقف نقدي من هذه المنصات المفتوحة التي لعبت دوراً سلبياً في مجال، بينما لفتت السالمي إلى أن وسائل التواصل كشفت عن تهافت الناس في الحصول على معلومة، وكيف أصبحت هذه الوسائل مكاناً تتدفق منه المعلومات بلا حساب.
في محور آخر يتصل بحضور المرأة في المؤسسات الإعلامية الرقمية، تناول ملكي التمييز الجندري الذي يقف حائلاً أمام المرأة في هذا المجال، إلى جانب ضغوطات عائلية تدفع النساء للتوجه إلى أعمال بعينها. ولفت إلى التحرش بالمرأة في العمل كعقبة تعيق تطورها، إلى جانب السقف الزجاجي.
من جانب آخر، تناولت السالمي فكرة الـ "انفلوانسرز"، المؤثرين، متناولة ثقة الناس في هؤلاء أكثر من الخبراء المتخصصين. والفرق بين علاقة النساء والرجال بهذه الفئة؛ ضمن دراسة أجرتها سابقاً حول المؤثرين ومتابعيهم، ولفتت إلى أن الإقبال على المؤثرين هو المحتوى المثير الذي لا يوفره المتخصص، فالقيمة السوقية للشخص تكمن في متابعيه، وهذا يقتضي بالضرورة تقديم أكثر ما يمكن من جاذبية لإقبال الناس.