في نيسان/ إبريل الماضي، أعلنت مصر ترشيح وزير السياحة والآثار السابق، خالد العناني، لمنصب مدير عام "منظَّمة الأمم المتّحدة للتربية والعلوم والثقافة" (يونسكو)، للفترة ما بين 2025 و2029، وهي الخطوة التي قال رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي إنّها تستند إلى ما سمّاها "المؤهّلات والإنجازات الأكاديمية والتنفيذية والإسهامات التي يحوزها العناني في مجالات العلوم والتربية والثقافة".
هذا الترشيح ستدعمه البلدان العربية التي اعتمد وزراء خارجيتها، الخميس الماضي، اختيار العناني مرشَّحاً عربياً وحيداً للمنصب، وهو توافُق غير مسبوق؛ إذ شهدت العقود الماضية ترشيح أكثر من اسم عربي في وقت واحد. لكنّه يحدث هذه المرّة بينما تبدو حظوظ المرشّح المصري ضعيفة للغاية، فالعنّاني، الذي تولّى منصب وزير الآثار في 2016 ثمّ وزير السياحة والآثار من 2019 إلى 2022، ليس مُتخصّصاً في الآثار، وإنّما تخرّج من كلّية السياحة والفنادق، وقد عُرف في مصر بـ "وزير شطب الآثار"، في إشارة إلى الإجراء الذي يستبق هدم المباني الأثرية والتاريخية أو بيعها، وهو ما عبّر عنه في تصريحات صحافية سابقة، من بينها قوله: "هل من المفترض أن أترك بعض الحجارة لأنها مسجلَّة؟".
واتّخذ الوزيرُ السابق عدّة قرارات بشطب مبانٍ أثرية من سجل الآثار بدلاً من ترميمها، ومنها منزل عبد الواحد الفاسي، في حارة السبع قاعات القبلية بحيّ الموسكي في القاهرة، والذي يعود تاريخ بنائه إلى القرن السادس عشر، والحمّام العثماني الأثري في قنا، وهو أحد ثلاثة حمامات أثرية فقط موجودة في صعيد مصر، وقصر ميخائيل لوقا الزق في أسيوط، ومحطّة القطار الملكية في كفر الشيخ.
المرشّح خرّيج كلّية السياحة والفنادق وليس متخصّصاً في الآثار
وفي السنوات الأخيرة، باتت عمليات إزالة المباني الأثرية تجري على قدمٍ وساق، وشملت منطقة القاهرة الإسلامية المدرجة على قائمة "يونسكو" للتراث الإنساني منذ 1979، والتي من المقرَّر أن يُشرف جهاز مشروعات الخدمة الوطنية التابع للجيش على تنفيذ مخطَّط لـ "تطويرها"، يشمل توسعة ورصف الطرقات بعد الانتهاء من إزالة المقابر، وإنشاء جسر جديد لتسهيل حركة المرور، تقع أسفله محلّات تجارية ستُطرح للإيجار، بالإضافة إلى ساحة كبيرة لركن السيارات مقابل رسوم.
وكانت المصرية مشيرة خطاب قد خسرت أمام المرشَّحة الفرنسية أودري أزولاي لمنصب مدير عام "يونسكو" عام 2017. وقد ترافَق ترشُّح خطّاب إلى المنصب مع حملة مداهمات واسعة لبعض المكتبات وإغلاقها ومصادرتها، كما حدث مع فروع مكتبتَي "البلد" و"ألف"، فضلاً عن التوسُّع في اعتقالات المعارضين لاتفاقية تنازُل مصر عن جزيرتَي تيران وصنافير للسعودية عام 2017، والزجّ بمئات من أصحاب الرأي في السجون. وقبل ذلك، خسر وزير الثقافة السابق فاروق حسني أمام البلغارية إيرينا بوكوفا عام 2009، ومدير "مكتبة الإسكندرية" سابقاً، إسماعيل سراج الدين، أمام الياباني كوشيرو ماتسورا عام 2001.