تبحث الفنانة اللبنانية هبة كلش (1972) في مساحة حلمية تتناثر فيها خيالاتها واختزالاتها لمشاهد من الحياة في رموز وإشارات فوق الكانفس لتبدأ بينها توتر شديد وصراع يحيل تأملات ونصوص فلسفية تستمد منها رسوماتها التي لن تجد أفضل من التجريد فضاء لها.
ذهبت في معرضها "ليموناضة كل شي كان لا نهائيا" الذي أقامته عام 2018 إلى كافكا الذي استعارت منه العنوان عتبةً لتناول ذلك الذعر والمخاوف التي تحاصر الإنسان في عالمنا المعاصر، وكذلك في إشارتها في كتيب المعرض إلى الكاتبة البرازيلية كلاريس ليسبيكتور إلى الشك باللغة والحب.
"أحلامنا حياة ثانية" عنوان معرضها الجديد الذي افتتح في الرابع من الشهر الجاري في "غاليري صالح بركات" ببيروت، والذي يتواصل حتى السادس عشر من كانون الثاني/ يناير المقبل، وتواصل من خلالها تكريس رؤيتها وأسلوبها الخاصين اللذين يتكئا على أجواء سوريالية دون التحول إلى معادلات بصرية ساذجة ومكرورة.
يشير بيان المنظّمين إلى أن المعرض يضمّ "مجموعة من الأعمال التي توسّع ثيمات وإيماءات ممارسات كلش الحديثة في تجهيز جديد مؤلّف من لوحات ورسومات إلى جانب تدخّل نحتي. يُبرز التوتر الموجود بين الرسومات المؤطرة واللوحات الملفوفة الإيماءات الكتابية الهشة والحميمة والبديهية التي تميّز إنتاجات كلش. تستحضر القطع وعود وأهوال اليقظة والأحلام. لا يتوق المعرض إلى عالم آخر يتجاوز حدود تجربتنا، لكنّه يأخذ على محمل الجد ما هو أساسيّ وجوهريّ بالنسبة لهذا العالم في الرغبة اللاواعية".
اللاوعي هو مفتاح الفنان الذي تدخل منه إلى لوحاتها في طرح تكوينات تبدو خارجة من حياة أي فرد في اللحظة الراهنة برسومات تقترب من الكلمات لكنها لا تكتبها، وتظلّ مجرّد علامات توحي بالطريق والإنسان والمسارات التي يسلكها ومتاهاته التي لا تغادره ضمن ألعاب لونية وبصرية متعدّدة.
تنسج كلش عوالمها الصوفية الغنائية في فضاء مفتوح لا حدود لتأويلاته حيث تتراءى في أحد الأعمال كتلة زرقاء في مركزه بتفاصيل عديدة تشفّ عن غموض وإبهام في ما وراءها، وتحيط بها كتل لونية حمراء ووردية وصفراء وبرتفالية تكّثف الشعور بالحلم والرغبة معاً.
يُذكر أن هبة كلش فنانة متعددة التخصّصات تمتد ممارستها لتشمل التركيب والرسم والرسم والنحت ولدت في بيروت، وتستخدم تقنيات مختلفة في أعمالها مثل الزجاج والمواد الغذائية والأسلاك المعدنية والملابس، وقد حازت درجة الماجستير في الفنون الجميلة من "كلية كاليفورنيا للفنون" (CCA) في الولايات المتحدة.