أنا أتحدث، بضمير المتكلّم.
لقد رأيت الفراشاتِ الصفراءَ، ولم تكن مئة عام من العزلة.
أولُ السائرين هو الوحيد الذي يستقبلُ تحيَّةَ الطريق، والأخير هو وحده من يودِّعُه، وحده من يحمل الطريق خلف ظهره، بينما يحمل الأول خلف ظهره نظرات كل السائرين.
السائرُ الأولُ يتحدّث إلى الطريق، ويسمعُ السائرين. الأخيرُ يغنّي إلى السائرين الأغنية التي يكتبها الطريق.
أول السائرين هو وحده من يعود، وعندها، يتبدّل كل شيء.
السائر الأخير، هو الوحيد الذي قَدَرُه التِّيه.
الأول في الطابورِ هو السائرُ، والأخيرُ هو الطريق.
- كيف يتحدّث سائران على طريق واحدٍ؟
- على أحدهما أن يولي الطريقَ ظَهْرَه.
دائماً هناك سائرٌ على وشك الانزلاق،
طريقٌ يَقَع.
الشلّال: الحياة تتهاوى.
قد ينقذ السائرَ نداءٌ، ونداءٌ... قد يقضي عليه.
لا تنادوا السائر؛ قد تقتلونه. نادوه؛ قد تنقذونه.
لا تمدّوا يدكم للسائر؛ يدُه، وحدها، تنمو.
ثباتُ اليدِ الوحيدةِ المرفوعةِ التي تتذكّرُ طريقَ العودةِ لا يكفي ليملأ قلوبَ الحواريّين الفارغة.
لا يسمع أحدٌ إيقاعَ أقدامِهِ التي تطأُ الأوراقَ العطشى سوى ذلك السائر التائه.
يظنُّ أول السائرين أنه طيرٌ لا يخلّفُ أثرًا، والأخيرُ، أنّه راسمُ الطريق.
الفراشةُ التي حلُم بها السائرُ،
قبل أن تكونَ له أقدامٌ،
هي طريقُه الحُلْوُ.
الفراشة التي طاردها السائر،
حالمًا،
واستحالت نحلةً، في واقع الحُلم،
ثم لدغته حين استيقظ في الواقع،
هي العسلُ الذي يجد طعمه في فمه
حين يهزمه عطش الطريق.
للعابرين،
بدايةُ الطريقُ،
هي الرحلة.
* شاعر من مصر