اهتمّ الباحث والموسيقي التونسي سمير بشّة، على مدار السنوات الماضية، بتأصيل الموسيقى التونسية والعربية في أكثر من مؤلف منها: "الهوية والأصالة في الموسيقى العربية" (2012)، و"أنطولوجيا الفنون الغنائية الركحية في تونس بين ظاهرتي التثاقف والمثاقفة (1856 - 1998): دراسة تحليلية موسيقية مشهدية" (2014)، كما ترجم كتاب "تمجيد الموسيقولوجيا" للكاتب الفرنسي جون جاك.
في هذا السياق، صدر كتاب "موسوعة الموسيقى والموسيقولوجيا في تونس" عن "دار سوتيميديا للنشر والتوزيع"، بإشراف وتأطير سمير بشة. العمل نتاج بحث في الثقافة والتكنولوجيات الحديثة والتنمية، ويتضمّن دراسات لعدد من الباحثين بالعربية والإنكليزية والفرنسية.
الكتاب، الذي قدّمه الباحث الفرنسي جان جاك ناتيي، ينقسم إلى ثلاثة محاور أساسية هي: "الموسيقى من منظور العلوم الإنسانية"، و"تاريخ ودراسة الآلات الموسيقية"، و"المقاربات العلمية والمناهج والتحليلات"، حيث يستعرض الباحثون تاريخ المعارف الموسيقية والموسيقولوجيا من العصر الحجري الحديث إلى بداية القرن الحادي والعشرين.
يدرس الكتاب الموسيقى من منظور العلوم الإنسانية وتاريخ الآلات الموسيقية
البحث، الذي استمر ثلاث سنوات، يتناول علاقة الموسيقي بمجالات معرفية متعددة مثل الأنثروبولوجيا وعلم الآثار والسينما والمسرح والدين واللسانيات والأدب والفلسفة وعلم النفس وعلم الاجتماع والعلوم السياسية وعلوم التربية وغيرها.
ويشارك في الكتاب كلّ من الباحثين: نيكولا مييس، ومحمد زين العابدين، وفرانسوا بيكار، ونداء أبو مراد، ومنذر عياري، وجان مارك شوفيل، وأنيس المؤدب، وفرانسوا ديلالاندي، وجان باسلر، وسيف الله بن عبد الرزاق، وسندة خياطي، وأمين الزواري، ووائل صمود، وإقبال حمزاوي، وفاخر حكيمة، إلى جانب حمدي مخلوف الذي أشرف على التصميم ومراجعة معايير البيبليوغرافيا.
تركّز الموسوعة على الأسس النظرية والمنهجية للموسيقى والموسيقولوجيا في تونس في بداية القرن الحادي والعشرين، والمسائل الناشئة عن الفكر الموسيقي اليوم، من أجل دراسة موسيقى مختلف الحضارات والفترات المختلفة، بداية من التاريخ القديم إلى الفترة المعاصرة.
ويشير جان جاك ناتيي، في التقديم، إلى أن هذا الإصدار يعدّ حدثاً في العلوم الموسيقية في السنوات الأخيرة بتونس، لما يحوز عليه من مناهج بحثية وأسس نظرية قيّمة لها عدة اعتبارات معرفية، مضيفاً: "من المسلّمات أن البحث الموسيقي في تونس هو علم فتيّ، ويُلاحَظ عند قراءة هذا العمل أنه تمكّن في غضون سنوات قليلة من الاستفادة من المحاور النظرية والمنهجية التي تم تطويرها داخل جامعة نجح باحثوها في أن يجعلوا من الموسيقولوجيا في تونس على قدم المساواة ولا تقل قيمة أو مكانة عن الموسيقولوجيا في بقية بلدان العالم".