في حزيران/ يونيو 1957، اختطفت أجهزة الأمن الفرنسية موريس أودان، أستاذ الرياضيات في "جامعة الجزائر" والمناضل في "الحزب الشيوعي" من أجل استقلال الجزائر، من بيته في حيّ الأبيار بالجزائر العاصمة. ومنذ ذلك التاريخ، فُرض تعتيمٌ على قضيته؛ إذ ادّعى جيش الاحتلال الفرنسي أنّه فرّ خلال نقله لاستجوابه، بينما كشفت تحقيقاتٌ عن دفنه في مقبرةٍ بولاية البُلَيدة غربَ العاصمة.
وفي عام 2018، اعترف الرئيس الفرنسي الحالي، إيمانويل ماكرون، رسميّاً بما أسماه "مسؤولية الدولة الفرنسية" عن مقتل أودان (1932 - 1957) الذي تحوّل إلى واحدٍ من أبرز رموز الثورة الجزائرية، مقرّاً بأنّ فرنسا أقامت خلال حرب التحرير "نظاماً استُخدم فيه التعذيب".
ضمن "المهرجان الدولي للشريط المرسوم" الذي تستمرّ دورته الثالثة عشرة حتى بعد غدٍ الأحد في الجزائر العاصمة، جرى أمس الخميس تقديم كتابٍ جديد عن المناضل الفرنسي؛ وهو كتابٌ مصوَّر من تأليف الرسّام محمد بوجلّة، ويحمل عنوان "موريس أودان: الشريط المرسوم".
في مداخلته، اعتبر المؤلّف أنَّ الهدف من الكتاب، الصادر عن "منشورات زاد لينك"، هو تعريف الأجيال الجديدة بمناضلٍ قُتل تحت التعذيب خلال حرب التحرير الوطني وهو في الخامسة والعشرين من عمره، مضيفاً أنَّه اختار تقنية الشريط المرسوم لكونه نوعاً فنّياً يستقطب اهتمام الشباب، بفضل جمعه بين الجانب الفنّي وتقديم المعلومات بطريقة مبسَّطة.
وأوضح بوجلّة أنّه استند، في تأليف سيناريو الكتاب، على وثائق تاريخية وشهادات حيّة، قبل أن يعمد إلى تصميم رسوماته، معتمداً اللونَين الأبيض والأسود، بهدف "إضفاء لمسةٍ واقعية على العمل، وجعله وفيّاً للفترة التي تدور فيها أحداثُه".
وأضاف المتحدّث أنه، وبعد انتهائه من إعداد النسخة الأُولى من السيناريو، تواصَل مع بيير أودان، نجل المناضل الراحل، طالباً ملاحظاته، وأنّه زوّده بالكثير من المعلومات التاريخية والصُّوَر العائلية التي استند عليها في إجراء تعديلاتٍ على النص، مضيفاً أنّ العملَ يمزج بين التاريخ والتخييل؛ حيث "توجَد العديد من الحلقات الناقصة في سيرة أودان، والتي جرى الاستعاضة عنها بالتخييل، دون الإخلال بالحقائق التاريخية"، وفق تعبيره.
يروي محمّد بوجلّة أحداث قصّته على لسان جوزيت أودان (1931 - 2019)، أرملة الراحل التي قضت جزءاً كبيراً من حياتها تبحث عن الحقيقة وتُطالِب بإرساء العدالة؛ حيث تبدأ القصّة من لقائهما في "جامعة الجزائر"، ثمّ نضالهما في "الحزب الشيوعي"، وصولاً إلى اعتراف فرنسا بتعذيبه واغتياله.