"مهرجان أفينيون" 2023: أسئلة الذين يعيشون على الهامش

05 يوليو 2023
من عرض "الراهب الأسود" لـ كيريل سيريبرينيكوف، الذي قُدّم في دورة العام الماضي (Getty)
+ الخط -

لم تدم الخشية من تأجيل أو إلغاء بعض عروض "مهرجان أفينيون" إلا ساعات قليلة، في وقتٍ كانت تشهد فيه فرنسا، خلال الأيام الماضية، احتجاجات وأعمال شغب هي من بين الاحتجاجات الأعنف في العقود الثلاثة الماضية، عقب قيام شرطيّ بقتل فتى في السابعة عشرة من عمره وبدم بارد، بحجّة عدم امتثاله لأوامره، يوم الثلاثاء الماضي.

ولعلّها كانت خشية الجمهور أكثر من كونها خشية المنظّمين، الذين استطاعوا تجنُّب أحداث شبيهة، وإن كانت أقل عنفاً، مثل موجة احتجاجات السترات الصفر عام 2019، والتي لم تتسبّب بإلغاء المهرجان حينها، وخصوصاً أن مديره في ذلك الوقت أوليفيه باي كان قد أعلن دعمه ودعم المهرجان للمتظاهرين.

أمّا الجمهور، فالتوجُّس كان مشروعاً بالنسبة إليه، وخصوصاً أن أغلبه يأتي من مدن أُخرى، وربما بلدان أُخرى، لقضاء أيام في المدينة الواقعة في جنوب فرنسا ومشاهدة بعض عروض مهرجانها. وهو مشروعٌ أيضاً بعد ما شاهد الجميع إلغاء العديد من الفعاليات الثقافية الكُبرى في فرنسا خلال الأيام، مثل إلغاء حفل ضخم في "استاد فرنسا" لكرة القدم (80 ألف متفرّج على الأقل) للمغنّية ميلن فارميه.

أيّاً يكن، إذاً، فإن النسخة 77 من المهرجان المسرحي الأوسع في العالَم تنطلق مساء اليوم الأربعاء، بمشاركة نحو 300 عرض مسرحي وفنّي وراقص في البرنامج الرسمي، وبحضور أكثر من 130 ألف متفرّج. أرقامٌ تتضاعف أكثر من مرّة عندما نضيف إليها عدد العروض التي ستُقام في البرنامج الموازي (1500) والجمهور الذي سيحضر لمشاهدتها، وهو ما يُضاعف أيضاً، لعدّة أيام، عدد سكّان المدينة (نحو 100 ألف نسمة).

عديدةٌ هي الأسماء والأعمال المنتظَرة لدى الجمهور في هذه النسخة، المستمرّة حتى 25 من تمّوز/ يوليو الجاري، ومن أبرزها مسرحية Welfare للمخرجة الفرنسية جولي دوليكيه، التي تُفتَتح بها العروض (بعد عرض راقص عصراً) عند العاشرة من مساء اليوم.

هذه المسرحية، المقتبسة عن وثائقي بالعنوان نفسه للمخرج الأميركي فريديريك ويزمان، والتي ستُعرض في باحة قصر الباباوات في المدينة، تقدّم يوماً كاملاً من حياة 15 شخصاً فُرض عليهم العيش على هامش المجتمع، إمّا لأسباب اقتصادية (الفقر وعدم القدرة على استئجار بيت)، أو اجتماعية (نساء يربّين أطفالهنّ وحدهنّ) أو سياسية (من منفيين ولاجئين). ويُشارك في العرض نحو خمسين شخصاً، بين تقنيين وممثّلين.

وتشهد هذه الدورة عودة مجموعة من أبرز الأسماء المشتغلة في المسرح على المستوى الأوروبي، مثل السويسري ميلو راو الذي يقدّم "أنتيغون في الأمازون"، الذي يجمع بين نصّ سوفوكليس التراجيدي وتراجيديا مُعاصرة هي اكتساح الطبقة الخضراء في غابات الأمازون، ولا سيّما بالبرازيل.

أمّا المدير الجديد للمهرجان (انطلاقاً من دورته هذه)، المُخرج البرتغالي تياغو رودريغيز، فيقدّم "بقدر اللا-إمكان"، الذي يُسائل معنى العمل في مجال المساعدات الإنسانية، انطلاقاً من مقابلات أجراها مع ثلاثين عاملاً وعاملة في مؤسّسات للإنقاذ والمساعدة الدولية، ولا سيّما للاجئين والنازحين والمهجّرين بسبب الحروب والدكتاتوريات.

ويمكن القول إن الحضور العربي ضعيفٌ هذا العام، مقارنةً بالأعوام السابقة، ولا سيّما في البرنامج الرسمي، الذي يشمل عرضاً للراقص والكوريغراف التونسي محمد التوكابري ("من أجل الأوقات السعيدة"، عند السادسة من مساء كلّ يوم بين 19 و25 من الشهر الجاري، في حديقة مدرسة "سان جوزف")، في حين يضمّ البرنامج الموازي عدداً أكبر من العروض العربية، من بينها "مساواة" للممثّل والمخرج السوري نوّار بلبل (الخامسة مساءً، من 7 إلى 29 من هذا الشهر، في "مسرح بورصة العمل).

آداب وفنون
التحديثات الحية
المساهمون