- الكتاب بعنوان "لا تلتفت يساراً - يوميات الإبادة" يسلط الضوء على تجارب الحرب في غزة وتُرجم إلى 11 لغة، مما يعكس أهميته العالمية.
- الروائي أبو سيف يرى إلغاء الفعالية كجزء من محاولات اللوبي الصهيوني لطمس الحقيقة، مؤكداً على أهمية رفع صوت المظلومين والضحايا.
نجح اللوبي الصهيوني في مدينة مانشستر الإنكليزية في الضغط على مجلس المدينة لمنع تنظيم فعالية بعنوان "أصوات صامدة" التي كانت ستحتفل بكتاب الروائي الفلسطيني عاطف أبو سيف الصادر حديثاً بالإنكليزية بعنوان "لا تلتفت يساراً - يوميات الإبادة" (DON T LOOK LEFT)، والذي صدر بالعربية بعنوان "وقت مستقطع للنجاة – يوميات الحرب في غزّة" (2024) عن الأهلية للنشر والتوزيع في عمّان (627 صفحة من القطع المتوسط)، وقد صدرت له ترجمات في 11 لغة أُخرى.
وكانت دار نشر كوما البريطانية أعدّت لتنظيم إطلاق للكتاب في 22 نيسان/ إبريل على المسرح البلدي في مانشستر يحضره ويشارك في القراءات كتّاب وفنانون بارزون، من بينهم الممثل كنغسلي بن أدير والفنانة ماكسين بييك والروائية البريطانية من أصول باكستانية كاميلا شمسي؛ إلا أن إدارة المسرح وتحت ضغط جماعات اللوبي الصهيوني اعتذرت عن استضافة اللقاء بعد موافقة سابقة. وكانت جماعة الضغط الصهيونية المعروفة باسم "المجلس التمثيلي لليهود في مانشستر الكبرى" قد بعثت رسالة إلى إدارة المسرح اتهمت فيها أبو سيف بأنه "معاد للسامية" و"يُنكر المحرقة بحق اليهود" وأوردت في رسالتها التي نشرتها بعد ذلك اقتباسات مبتسرة من مقالة للكاتب في صحيفة الأيام الفلسطينية بتاريخ 22 آب/ أغسطس تم إخراجها من سياقها لتقويلها ما لم تقله.
ونشرت المجموعة الصهيونية على موقعها في منصّة إكس أنها تقدمت لبلدية مانشستر ولجماعة الأدب في المدينة تطالب بوقف النشاط، لأن أبو سيف الذي يعمل وزيراً للثقافة في السلطة الفلسطينية (حتى التغيير الوزاري قبل أيام) "منخرط بشكل صادم بمعاداة السامية وبنكران المحرقة"، وأن "آراءه لا مكان لها في مانشستر لأنها سترفع معاداة السامية ضد الجالية اليهودية في المدينة". وقالت المجموعة إنها خاطبت أيضاً مجلس مدينة مانشستر واتحاد سلطات مانشستر الكبرى، وإدارة جامعة مانشستر المتروبولتان وجامعة مانشستر بوصفهما شريكتين في جماعة الأدب في المدينة التي تقف مع النشاط.
لوبيات صهيونية تطارد الفعاليات المساندة لفلسطين
وكتبت جماعة اللوبي الصهيوني أن "فكرة أن إسرائيل ترتكب حرب إبادة مجرّد كذبة، فالإبادة الوحيدة التي حدثت هي يوم السابع من أكتوبر حيث تم قتل أكبر عدد من اليهود في يوم واحد منذ المحرقة". وختمت الجماعة بأن "السماح بتنظيم هذه الفعالية يعني إعطاء منصّة لحالة معاداة للسامية مؤكدة مما يهدد تماسك ووحدة المجتمع في مانشستر الكبرى كما أنه يهدد بزيادة حالات معاداة السامية التي يواجهها اليهود في مانشستر منذ السابع من أكتوبر وعليه فإننا نطالب بإلغاء هذه الفعالية".
بدورها، أصدرت دار كوما بياناً صحافياً أعربت فيه عن خيبة أملها من قرار مجلس المدينة بإلغاء الفعالية كما أعربت عن قلقها العميق من الاتهامات غير الصحيحة الموجهة لكاتبها أبو سيف من قبل اللوبيات المذكورة مؤكدة أن هذه الاتهامات باطلة بشكل قاطع. وأكدت كوما أن عملية الاغتيال المعنوي هذه لن تمر وأنها تنظر في اتخاذ خطوات قانونية ضد هذه الادعاءات.
وقال عاطف أبو سيف لـ "العربي الجديد" إن إلغاء الفعالية "يأتي ضمن محاولات اللوبي المؤيد لحرب الإبادة على شعبنا في غزّة والداعم لاستمرار المذابح بحق المدنيين لمحاربة أي سردية أو رواية تكشف زيف ادعاء الاحتلال وعصابات جيشه وهو ما دأبت عليه الحركة الصهيونية منذ مشروعها الإحلالي الكولونيالي الهادف لسرقة البلاد من أصحابها. على مدار قرن تمت ملاحقة كل ما ومن يخالف الادعاء الكاذب الذي تبنّته الصهيونية واللوبي المؤيد لها من أجل تشريع عمليات القتل والذبح وهدم المكان". وأوضح صاحب رواية "حصرم الجنّة" بأن "منع تنظيم إطلاق للكتاب ليس إلّا جزءاً من مشروع تصفوي بحق الحقيقة عملت وتعمل عليه الحركة الصهيونية ومؤيدو المذابح بحق شعبنا من أجل طمس الحقيقة وتشويه الواقع وتمرير ما يجري والدفاع عنه".
لا يتردّد أبو سيف الذي يتخذ أدبه مكاناً بارزاً في سياق ثقافة فلسطينية تقدّمية في القول إن "ما جرى في الحرب العالمية الثانية مريع وفظيع، وهو من الأحداث الأكثر بشاعة في التاريخ، لكنه بكل الأحوال لا يمكن أن يبرّر لأحد أن يقوم بالمثل كما تفعل الصهيونية ودولة الاحتلال. إن الوطنية الفلسطينية وإنسانية الثقافة العربية التي شهدت أكثر مراحل ازدهار التسامح في التاريخ لا تتبنّى نكران جرائم النازية بحق اليهود وغيرهم من الأعراق والمجموعات الإثنية والثقافية والسياسية، بل على العكس من ذلك، لأن الضحية لا يمكن لها ان تنكر آلام الضحايا الآخرين، لكن ما يحدث أن ثمّة ضحية تقوم بارتكاب جرائم مماثلة بحق ضحايا جدد".
يضيف أبو سيف الذي قدّم شهادته على حرب الإبادة في "وقت مستقطع للنجاة"، ومن قبلها كتب التجربة الفلسطينية في تسع روايات وثلاث مجموعات قصصية وضعته في طليعة كتّاب جيله وطليعة كتّاب فلسطين، يُضيف لـ"العربي الجديد" أن "الكتابة عن فلسطين ولصالح فلسطين انتصار للحقّ وللإنسانية وللضمير الحر وإن محاولة طمس صوت فلسطين ضمن سياسة تكميم الأفواه واغتيال الحقيقة لن تجدي نفعاً في منع العالم من أن يسمع هذه الحقيقة".
عاطف أبو سيف: مؤيدو المذابح بحقّ شعبنا يحاولون طمس الحقيقة وتشويهها
ويختم أبو سيف حديثه بالقول إن "ما تقوم به دولة الاحتلال وجيشها في غزة جريمة لم تتكرر في التاريخ وهي بحاجة لمحاسبة ولكن قبل شيء تقع على المثقف الحر والكاتب والفنان مسؤولية أن يرفع من صوته من أجل أن يظل صوت المظلومين مسموعاً. إن صوت الكاتب والفنان هو صوت الضحية التي سلبت الحق في الدفاع عن نفسها وفي الصراخ مثلما يحدُث في مجازر غزّة".
ويذكر أن يوميات أبو سيف، قبل أن تصدر في الكتاب، نُشرت بشكل يومي ومتسلسل في صحيفة "العربي الجديد" خلال فترة إقامته في غزّة خلال الأشهر الأولى من العدوان متنقلاً من جباليا إلى خانيونس ثم إلى خيمة في رفح، قبل أن يغادرها مع نهاية شهر كانون الأول/ ديسمبر.