منظور مُغاير للهوية والحداثة: "رواة القصص" صورة أفريقيا من الداخل والخارج

23 مايو 2022
"خزانة ملابس أمي" (2015) لـ سيرج أتوكوي كلوتي، (من مقتنيات الغاليري)
+ الخط -

في الثامن من آذار/ مارس 2016، افتُتح غاليري "1957" في العاصمة الغانية؛ أكرا، ويحمل اسمَه من تاريخ استقلال البلاد عن الاستعمار البريطاني الذي استمر لأكثر من ستّة عقود، ولم تأتِ تلك التسمية عبثاً، بل هي محاولة للإضاءة على فنّاني غانا والغرب الأفريقي عموماً المتوزّعين في الشتات والمنافي.

مجموع المَعارض التي نظّمها خلال السنوات الماضية، أتى في سياق التعريف بالحداثة الفنّية الأفريقية التي لا يُمكن فصلها عن جذورها التاريخية والثقافية، فرغم أنّ روّادها درسوا في الأكاديميات الغربية، إلا أنّ معظمهم قدّم رؤى مختلفة لتمثيل الهوية الوطنية والأزمات الاجتماعية والاقتصادية التي تسبَّب بها المستعمِر الأوروبّي والدكتاتوريات التي ورثت عنه الحكم في القارّة السمراء.

يُفتتح مساء الخميس، السادس والعشرين من الشهر الجاري، في فرع الغاليري بلندن معرض "رواة القِصص" الذي يستمرّ حتى التاسع من تموز/ يوليو المُقبل، ويضمّ أعمالاً مختارة لأربعة عشر فنّاناً أفريقيا ينتمون إلى أجيال وجغرافية متنوّعة.

يتناول المعرض أزمات أفريقيا التي أنتجها الاستعمار والاستبداد

في بورتريهاته، يختار الفنان الغاني عنان أفوتي شخصيات من فئات تنتمي إلى فئات اجتماعية مختلفة، ويقدّم تاريخها الشخصي المرتبط بأمكنة أو أحداث معيّنة، كما يظهر في سلسلة "غناتا" التي رسمها عام 2020 وتضمّنت وجوهاً لعدد من خرّيجي "كلية غناتا للفنون والتصميم" في أكرا، واستطاعوا تحقيق نجاحات في عالم الفن، موثّقاً في كلّ عملٍ تاريخ التحاق الفنان بالكلية والتفاصيل المتعلّقة بمشاريع تخرّجهم.

أمّا الفنان الأميركي من أصول أفريقية باتريك ألستون، فيبحث العلاقة بين الصورة والحرف من خلال لوحات تعتمد تجريد أبجدية اللهجة الإنكليزية التي يتحدّث بها الأميركيون السود والمفردات والمصطلحات التي دخلت قاموسهم اليومي وتُظهرها جداريات في مدينة نيويورك، أو تعبيرات أطلقتها حركاتُهم الاجتماعية والسياسية وبعض رموزهم.

ويذهب الفنان الغاني سيرج أتوكوي كلوتي في أعماله إلى استخدام موادّ مثل زُجاجات الحليب وألواح الطباعة وأغطية الزجاجات والنسيج والأقمشة، وغيرها من الموادّ التي يستخدمها مواطنوهم في حياتهم اليومية، من أجل الاقتراب من واقعهم وثقافتهم والتعبير عن مشكلات عديدة تتعلّق بالهجرة والاستهلاك والهيمنة الجنسانية والعرقية والجفاف.

تعود الفنانة الفرنسية الكونغولية تيفاني ديلون إلى حكايات من تراث بلادها والأرشيفات المفقودة من حقبة ما قبل الاستعمار وتصوغها بلغة بصَرية سوريالية تعتمد الأحلام والكوابيس ورموزاً مختلطة تعبّر عن تلك الذاكرة المركّبة التي يمتلكها المهاجرون، ولا يستطيعون نسيانها بسهولة سواء بتجاوُز الماضي أو التكيّف مع واقعهم.

ويعرض الفنان السوداني صلاح المر عملاً بعنوان "شلالات السبلوقة" (2022)، ويرسم فيها أُمَّاً تحمل طفلها على ضفاف الشلّالات التي تقع على مجرى نهر النيل شمال الخرطوم، وتمثّل واحدة من أغنى المناطق في تنوّعها النباتي بالبلاد، لكنّها تتعرّض إلى إهمال حكومي متواصل.

في أعمال الفنان السيراليوني آرثر تيموثي، تتبّع لسيرة والده الذي كان أحد المشاركين في النضال مع رفاقه ضدّ الاستعمار البريطاني في غانا، ولكنْ بعد وصول الثوّار إلى السلطة مارسوا أقصى درجات الاستبداد، ما اضطرّه وعائلته التي عمل أفرادها في السياسة والمحاماة والفن إلى العيش في المنافي.

كما يضمّ المعرض أعمالاً لكلّ من الفنانين الغانيّين غوفريد دونكور وجوشوا أوهنبا-تاكي وياو أوسو وعافية بريميه، والبرازيلي الأفريقي غوستافو نازارينو، والكيني كالوكي نياماي، والأميركية الأفريقية لورين بيرس، إلى جانب الفنانة الأميركية الباكستانية نادية وحيد التي عاشت فترة طويلة من حياتها في بلدان أفريقية.

المساهمون