منحة الله حلمي ونازلي مدكور.. حيرة الفنان لا يقين العالِم

23 ابريل 2023
عمل لـ نازلي مدكور
+ الخط -

عادةً ما يذهب التشكيليّون إلى التجريد بعد رحلة يجرّبون فيها رؤى وتيارات أُخرى، وبذلك يبدو هذا الأسلوب حدّاً انتقالياً بين مراحل وعي الرؤية الفنية؛ هذا لا يعني أنه مفهوم متعالٍ أو أرقى من غيره بالضرورة، بل يشير إلى كونه يحتاج أدواتٍ مكتملة تُستقرَأ من خلالها الطبيعة أو العناصر الأُخرى المُراد تمثيلُها.

"رؤى تجريدية" عنوان معرض استعادي يجمع عدداً من أعمال الفنّانتين المصريّتين منحة الله حلمي (1925 - 2005) ونازلي مدكور (1949)، يُفتتح في "مكتبة الإسكندرية - قاعة المعارض الغربية" في الثاني من أيار/ مايو المُقبل، ويتواصل حتى الثالث والعشرين منه.

يتوقّف المعرض عند التقاطعات التي تجمع كلّاً من التشكيليّتين؛ كما أنّه يلفت إلى التمايُز بين تجربتيهما، وبذلك يُتيح للزوّار اطّلاعاً واسعاً على التفاصيل والفوارق. فبينما ظلّت لوحة حلمي تعبّر عن انشداد أكبر صوب الحالة اللونية وتمحضها مساحة اشتغال أوسع، حيث لا يخلو التجريد من بُعد انطباعي؛ فإنّ لوحة مدكور وما تشفّ عنه من حضور خفي للطبيعة، تُفضي إلى موقف تأمّلي للمشهد.

يُشار إلى أنّ منحة الله حلمي درست الفنون مطلعَ أربعينيات القرن الماضي، وتخرّجت من "المعهد العالي للمُعلّمات" عام 1949 قبل أن تتخصّص في فنّ الحفر بعد بعثتها إلى إنكلترا (1952 - 1955) في "كلية سليد" التابعة لـ"جامعة لندن"، وتتابع دراستها في "كلية مورلي" (1973 - 1979).

شهدت تلك الأعوام التحوّل الأكبر في مسار حلمي الإبداعي على المستوى التعبيري والتقني والشكلي؛ إذ خرجت عن الموضوعات الواقعية واتجهت بكلّ طاقتها الإبداعية للبحث في بنية الشكل والعبور إلى عوالم تجريدية تتألق فيها الأشكال الهندسية من مستطيلات ودوائر ومثلّثات.

منحة الله حلمي - القسم الثقافي
عمل لـ منحة الله حلمي، حفر ملون على زنك، 57 × 57 سم

أمّا نازلي مدكور فلم تبدأ مباشرة بدراسة الفنون، إنما عملت كخبيرة في الاقتصاد والعلوم السياسية، قبل أن تهجر عوالم الأرقام والحسابات لصالح الفنّ. وقد استحضرت في أعمالها حالةً هيولية شبيهة بالمادّة الأولى للعالم وهي في طريقها إلى التشكُّل؛ فلم تفضِّل الإصدار النهائي للطبيعة؛ بل أحبّت أكثر القوى الحيوية المتواترة التي تمرّ بها الموجودات حتى تكتمل وتزهر، فهي تبحث في صيرورة الأشياء وحالتها وقت التشكّل.

ويُلخّص البيان التقديمي للمعرض التجربتين، بالقول: "لقد قدّمت كلتاهما طريقتها في النظر إلى العالم عبر بحث أصيل جادٍّ يحمل حيرة الفنان، لا يقين العالِم".

المساهمون