"ملحمة جلجامش": ترجمة فرنسية وصورٌ رافدينية

28 نوفمبر 2022
من صور جان كريستوف بالو التي يضمّها الكتاب. هنا، في الوركاء جنوب العراق
+ الخط -

يحدث أحياناً أن تتحوّلَ كتبٌ معاصِرة، صدرت قبل سنوات فقط، إلى أعمال تبدو في قطيعة مع زمنها، وكأنّ الزمن قد عفا عليها، لِما فيها من محدودية أو اجتزاء في المقاربة أو الموضوع أو الأسلوب أو حتى اللغة. أمرٌ لا ينطبق، بالتأكيد، على الأعمال الكُبرى في تاريخ البشرية، ومن بينها "ملحمة جلجامش". 

ورغم مرور أربعة آلاف عام تقريباً على وجود القصائد والقصص التي تتألّف منها هذه الملحمة الرافدينية، إلّا أن هذه الفترة الطويلة لم تحُل يوماً دون وصول الملحمة إلى قرّاء يكتشفونها بعد نحو أربعة آلاف عام، ويجدون فيها كثيراً من المعالجة ومن الثيمات التي تبدو راهنةً بالنسبة إليهم.

هذا الإحساس بالراهنية، أو على الأقلّ بكون الملحمة لا تزال قادرة على قول شيء لنا، نحن أبناء القرن الحادي والعشرين، يظهر أيضاً في الإصدارات المتكرّرة لـ"جلجامش"، إن كان عربياً أو غربياً، ومنها صدور ترجمة فرنسية من نوع خاص، عن منشورات "ديان دو سُلييه" في باريس.

أوّل خصوصيات هذه الترجمة الجديدة هي أنها من توقيع الموسيقي والمغنّي السوري عابد عازرية (حلب، 1946)، المقيم في فرنسا منذ منتصف الستّينيات، والذي سبق له أن نشر، قبل عقود، مقتطفات بالفرنسية من الملحمة التي استلهم منها أيضاً أكثر من ألبوم، ولا سيّما ذلك الذي صدر عام 1977 وحمل عنوان الملحمة نفسه.

كما يشمل الكتاب صوراً التقطها الفوتوغرافي الفرنسي جان كريستوف بالو، تتوزّع بين صفحات النصّ وتكشف عن الفضاء الذي جرت فيه أحداث الملحمة، أو تقدّم ملامح بعض من أبطالها كما بدت في المنحوتات التي لا تزال موجودة في متاحف العراق أو فرنسا أو غيرها. 

ولا تتوقّف صور بالو عند الجانب التوضيحي، حيث يذهب المصوّر الفرنسي بلقطاته نحو مقاربة فنّية، إن كان في صور لآثار وتضاريس من أوروك (جنوب العراق)، أو في التقاطاته لبورتريهات من الآثار العراقية المجودة في المتاحف، ضمن مسعى إلى إعطاء صورة عن عظمة الفن الرافيديني، كما يقول في حوار صحافي أُجري معه أخيراً.

المساهمون