يُعدّ المفكِّر والمستشرق الأميركي من أصل ألماني فرانتز روزنتال (1914 - 2003)، واحداً من أكثر الأسماء العِلمية في حقل الدراسات التاريخية ارتباطاً بالتراث الإسلامي والعربي؛ حيثُ قدّم خلال مسيرته الطويلة كتُباً تناولت محطّات مختلفة من هذا التراث وتاريخه.
ورغم اشتغالاته العديدة، تحقيقاً وتأليفاً وترجمةً، مثل "مفهوم الحرية في الإسلام قبل القرن التاسع عشر"، و"تاريخ الطبري"، و العلم في تجلٍّ: مفهوم العلم في الإسلام في القرون الوسطى" الذي صدرت ترجمته العربية عن "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" في 2019، إلّا أنّ اسمه ظلّ مقترناً باسم صاحب "المقدّمة"، أي المؤرّخ عبد الرحمن ابن خلدون (1332 - 1406)، خاصة بعد أن حقّق مقدّمة كتابه ونشرها في ثلاثة أجزاء.
عن مركز "تراث للبحوث والدراسات" في القاهرة، تصدر هذه الأيام الترجمة العربية الكاملة للمقدّمة التي كتبها روزنتال لـ"مقدّمة" ابن خلدون، بعنوان: "مقدّمة المقدّمة: في سيرة ابن خلدون والتعريف بمقدّمته"، بتوقيع المترجم أحمد العدوي.
يتوجّه روزنتال في عمله هذا إلى شريحة عامّة من القرّاء، متجاوزاً الاختصاصيين من المستشرقين ودارسي العلوم الاجتماعية وحسب، في محاولة منه لتيسير مدخلٍ شامل إلى "المقدّمة".
قسَّم روزنثال هذه المقدمة إلى ثلاثة أقسام؛ فعُني في الأول بالترجمة لابن خلدون وأهم مراحل حياته، خاصة أنه كان شخصية سياسية تنقّل بين مغرب العالم الإسلامي ومشرقه، وفي فترة سياسية حرجة، في حين تناول "المقدمة" وما جاء فيها من أفكار في القسم الثاني، وعُني في الثالث بتاريخ النص، ودرس الكيفية التي ألَّف بها ابن خلدون مقدّمته، وقدَّم دراسة لعدد من مخطوطاتها التي عاينها بنفسه.
استعرض روزنثال في كتابه أيضاً نشرات "المقدمة"، سواء ما نُشر في مكتبات أوروبا أو في البلاد العربية استعراضاً نقديّاً، وتناول الترجمات السابقة بلُغات عدّة، مبيِّناً الأسباب التي دعته إلى إعادة ترجمتها.