مقاطع من "خادم أشباح"

12 نوفمبر 2020
عمل لـ ديفيد كامبريا/ إيطاليا
+ الخط -

لم يأخذه الورعُ، أخذه الروعُ فطلع وبقي في الطلوع ولم يصل.
*

وظاهرهُ بواطنُ شتى وباطنه فيوضٌ مجهولة.
*

إن همَّ عمّ، غير أن لا ألواح لتحفظه.
*

تخلّصتُ من أني أنّهُ، فثقل هو في فضائه وأعانتني الخفةُ في الطيران صوبه.
*

ورغب خلقاً وأراد إغلاقاً، فرسم أبواباً وشتّتهم بالمفاتيح ملقيةً متاحةً، وجلّهم كان ماهراً في الولوج في الرسم.
*

يقايضهم في الصريح القليل من المبهم كي يصعّد عواطفهم.
*

كل طريقةٍ امرأةٌ حامل وكل امرأة حامل إمكانُ توليدِ وإجهاضُ جهات.
*

أحبّني في عصياني فثمّنتُ له سعته وكرهتُ إدراكه لي، وأكثر أحببت وكرهت وهمي في إدراكه.
*

وتجلّى بعضه أمام الحدث وخلف المحادثة ولم يصر.
*

وكرّر إساءةَ فهمه من ذهبَ عميقا ليفهمه. وترك لهم أطيافه في كل شيء وبعضَهُ في اللغة ليفرحوا بفتات اللقى وبأنفسهم.
*

قوته ليست في فتوة ضعفِ من أراد تقليدَ قوته.
*

والمصارحةُ مطارحةٌ، والكشف نوع من العسف وتركيبُ صوتٍ في هيئة.
*

أتلفَ التداني نفسي، وأنقذني منّي انتباهي لعدم المطابقة.
*

تفتّتُ وتشتّتُ وأنا ألمم فتات وشتات صورتك.
*

وكانت تذكيتهم لي في مقاربتي إياك، عنفَ جهلٍ يجهل عنفه وجهله.
*

ومنعتُ نفسي عنّي بالمكوث أمام نفسي، وخشيت أن أبقى في صقيع المنع، فولجت فيها وتهتُ.
*

وأنجحوا أنفسهم في الامتحان الذي لم تمتحنهم به.
*

لست طالباً لأتبع، ولا معلّماً لأتقدّم فأرجع، أهملتُ فأُهمِلت فلم تجذبني طريق ولم تأسرني طريقة.
*

وصاغني ما هو أهْوَل منّي ولم أرضَ، وظللت على حافّة الصوغ أعبد ما أحسّه ولا أدركه، وأعبدني في غيابي.
*

وهناك من امتلأ بي ففرّغني في غامض المنامات والرؤى، وأمعن في إبراز خطأ وصواب المنام والرؤيا في البوح.
*

وليس لي إلّايَ ماكثاً مبارحاً، إلّا مكوثي في شرط المبارحة.
*

مغتبط ووحيد في تجوالي، غير أنّه يوجعني ما أحدسه ويفيض عنّي قولاً.
*

وترجمتُ عني وأخطأتُ، وأسعَفَتْني أشباح نصوصي بأن أشارت إليّ: هناك مَنْ ربّما سيحبّ أخطاءك.
*

أذلّتني الأمكنةُ ولم يحرّرني الوقت - كلّه حدث داخل السّتر الذي ضاق ففاض فتخلّى، وما أنا سوى لفظ الصحو والمنام ووهمهما.
*

غبت ردحاً في وساوسي، على أطرافِ وفي لُجَجِ شهواتي. ولما حضرتُ حضرتُ في غابة من نقائض تسعى لتتناغم ثم تُنسى.
*

ما فزعت إلى شيء وأغراني. قبل أن أشعل نار المعنى استحممت في دخان وهمها، ومذّاك وأنا مقروراً أرتجف.
*

لا أدخل، أو قل لا دراية لي بالمداخل، فقد أعمتني البصيرة، هل عنيت أنّ المنازل علائم مقرّات كما ممرّات ومعابر، وأنا في خلاء الصحارى ضياع ثريّ يهيم، وحدي مفردُ ومثنّى وجمعُ الزائل.
*

وجلّ سكني في الإثم سكني في الصورة والكلمة.
كلّما قلت شيئاً برز نقيضه وعذّبني، ما ينقذني عديد وغزير النقائض، لكن ليس في نافل أو نافع القول، وإنّما في صمتٍ قدّرني ولم أُحْسِنْ تقديره.
*

وما جَلَدي على وجودي سوى وهمِ قدرتي على الخروج بين فينة وأخرى من جِلْدي.
*

صلتي بالقديم كصلتي بما لم يحدث... المحلوم به، الكائنُ الصائر في رغبته بأن يكون.


* شاعر سوري مقيم في نيويورك، والنصوص من عمل قيد الكتابة بعنوان "خادم أشباح"

المساهمون