مع غزّة: لاهاي عبد الحسين

23 فبراير 2024
لاهاي عبد الحسين
+ الخط -

تقف هذه الزاوية مع مبدع عربي في أيام العدوان على غزّة وكيف أثّر على إنتاجه وحياته اليومية، وبعض ما يودّ مشاركته مع القرّاء.



■ ما الهاجس الذي يشغلكِ هذه الأيام في ظلّ ما يجري من عدوانِ إبادةٍ على غزّة؟

- يشغلني هاجس وقف المحرقة التي يمارسها العدوّ الصهيوني على سكّان القِطاع. إنَّهم ينتقمون ممّن لم يكن سببًا في ما ادّعوا، لعقود من الزمن، أنّهم كانوا ضحيةً له. وهذا العالَم الرسميّ المتقدّم يقف معهم بلا رفّة جفن.


■ كيف أثّر العدوان على حياتك اليومية والإبداعية؟

- يُمثّل العدوان المتواصل على غزّة وقفة معيقة لأيّ مشروع يمكن التفكُّر فيه، بما في ذلك القراءة لأغراض القراءة. لم تستمرّ عدوانات سابقة هكذا. المحرقةُ مستمرةٌ لما يقرب من خمسة أشهر، ويبدو أنّها ستتواصل نتيجة الخدر العالمي والعربي تجاه ما يجري.


■ إلى أي درجة تشعرين بأن العمل الإبداعي ممكنٌ وفعّال في مواجهة حرب الإبادة التي يقوم بها النظام الصهيوني في فلسطين اليوم؟

- القضيّةُ قضيّة فلسطين، وما غزّة إلّا ميدانًا أو صالةَ تشريح لما يُطاول الفلسطينيّين العزّل. العمل الإبداعي، وإن كان بحدوده الدنيا، يمكن أن يساهم في بثّ الوعي وعدم نسيان القضية.

هل هناك بديلٌ للكفاح المسلَّح وإن كان باهظاً ومُكلفاً؟

■ لو قُيّض لكِ البدء من جديد، هل ستختارين المجال الإبداعي أو مجالًا آخر، كالعمل السياسي أو النضالي أو الإنساني؟

- لو قُيّض لي البدء من جديد لاخترتُ العمل الإبداعي. نقود حياةً فيها الكثير من البعثرة والارتباك. ولو أدركنا منذ وقت مبكّر، لَعملنا بصورة أكثر تنظيمًا على صعيد الإبداع. أخذَت السياسةُ والنضال والعمل الإنساني حيّزًا كبيرًا في حياتي، ولكنّه كان عملًا بريئًا، لم نَحزر فيه النوايا والمكائد لمن استخدم القضيّة وساقنا في طريقها دون أن يطاوله شيء. بالنهاية، فنحن الخائبون المتعبون.


■ ما هو التغيير الذي تنتظرينه أو تريدينه في العالم؟

- أنتظر من العالم أن يكون أكثر إنسانيةً. الفنّ والأدب والعِلم يمكن أن يُساهم كلُّ ذلك في صنع عالم متعايش ومرفَّه. تجارةُ السلاح ليست الطريق الأضمن للهيمنة وتحقيق الأرباح الطائلة.


■ شخصية إبداعية مقاوِمة من الماضي تودّين لقاءها، وماذا ستقولين لها؟

- أتمنّى اللقاء بإدوارد سعيد وأسأله عمّا يقوله بشأن من يرى أنّ للمقاومة أشكالًا غير الكفاح ضدّ الاحتلال. وكان سعيد قد قال إنّ الكفاح ضدّ الاحتلال واجب إنساني وأخلاقي. أمام من لا يرى غير الحل العسكريّ والهيمنة على سماء الساحة، هل هناك بديلٌ للكفاح المسلَّح وإن كان باهظًا ومُكلفًا؟!

أنتم جيل النكبة المتجدّدة ولا سبيل أمامكم غير الصمود

■ كلمة تقولينها للناس في غزّة؟

- أقول للناس في غزّة إنّني أفهم تأثير العنف وحرب التجويع، والحرمان من أبسط مستلزمات الحياة البشرية. أفهم ماذا يعني أن تُمحى أحياءٌ بكاملِها، وأن يُترك أطفالٌ لم يحفظوا بعد أسماء أُمّهاتهم وآبائهم؛ لأنّهم لا يعرفون غير أن ينادوهم بماما وبابا. ليس لديّ ما أقوله غير هذا.


■ حين سُئلت الطفلة الجريحة دارين البيّاع التي فقدت معظم أفراد عائلتها في العدوان، ماذا تريدين من العالم، أجابت "رسالتي للناس إذا بيحبوا دارين يكتبوا لي رسالة أو أي إشي".. ماذا تقولين لدارين ولأطفال فلسطين؟

- أقول لدارين وأطفال فلسطين: ستتوقّف المحرقة وستشرعون في البناء، ولكنّكم لن تعودوا كما كنتم. أنتم جيل النكبة المتجدّدة ولا سبيل أمامكم غير الصمود ما استطعتم إلى ذلك سبيلًا.



بطاقة

باحثة ومترجمة عراقية من مواليد عام 1952 في محافظة القادسية، أستاذة في علم الاجتماع بـ"كلّية الآداب" في جامعة بغداد. تترأس "منتدى الثقافة النسوية". أصدرَت عدداً من الكتب المنهجية منذ 2006. من آخر إصداراتها: "نساء عراقيات" (2021). كما صدر لها في الترجمة: "القومية والعرقية" (2012)، لـ توماس إيركسون، و"تاريخ النظرية الأنثروبولوجية" (2016).

مع غزة
التحديثات الحية
المساهمون