"معرض الجزائر الدولي للكتاب": على إيقاع فلسطين

29 أكتوبر 2023
(من الدورة الحالية)
+ الخط -

على غير العادة، لم يختر القائمون على "معرض الجزائر الدولي للكتاب" بلداً بعينه ضيفَ شرف في الدورة السادسة والعشرين، التي انطلقت في "قصر المَعارض" بالجزائر العاصمة الأربعاء الماضي، وتستمرّ حتى السبت المُقبل. ضيفُ الشرف هذه المرّة هو القارّة الأفريقية؛ مثل ما يعكسه شعار الدورة "أفريقيا تكتب المستقبل"، ومثل ما يعكسه أيضاً البرنامج الثقافي الذي خُصّص جانبٌ كبير منه لمناقشة قضايا الأدب والثقافة الأفريقيَّين.

غير أنّ الأحداث الجارية في فلسطين المحتلة دفعت المنظّمين إلى تغيير الوجهة إلى فلسطين؛ من خلال إدخال بعض التغييرات على البرنامج الثقافي، واستحداث مجموعة من الفعاليات التي تُضيء على القضية الفلسطينية في ضوء جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي المتواصلة في غزّة منذ قرابة ثلاثة أسابيع. "بدأت الأحداث مع عملية 'طوفان الأقصى' في السابع من الشهر الجاري. وحينها، كانت برمجة فعاليات التظاهرة الثقافية الأهمّ في الجزائر قد استُكمل ضبطُها، ولولا ذلك، لجرى تكييف برنامج المعرض برمّته مع ما تعيشه فلسطين اليوم"، يقول أحد المُنظِّمين في حديث إلى "العربي الجديد".
وفي هذا السياق، قال مُدير المعرض محمد إيقرب، في تصريحات صحافية، إنّ "القضية الفلسطينية، وفلسطين بكتّابها وناشريها ومثقّفيها، لم تغب يوماً عن معرض الجزائر الدولي للكتاب".

فضاءٌ خاصّ لدعم الشعب الفلسطيني باسم "ساحة غزّة"

هكذا، خصَّص المعرضُ، الذي تُنظّمه "النقابة الوطنية لناشري الكتب"، جناحاً خاصّاً لدعم الشعب الفلسطيني باسم "ساحة غزّة"، يتضمّن فعاليات تتوزّع بين القراءات الشعرية، والندوات والمحاضَرات التي تتناول جوانب من الأدب والثقافة الفلسطينيَّين، بمشاركة كتّاب وباحثين من فلسطين وبلدان عربية أُخرى، وفضاءً لرسم اللوحات التشكيلية والجداريات الفنّية، إلى جانب معرض للكتب الفلسطينية. ودعَت وزارةُ الثقافة زوّارَ المعرض إلى المشارَكة في الفضاء، للتعبير عن دعمهم للقضية الفلسطينية وتنديدهم بحرب الإبادة التي يشنّها الاحتلال الإسرائيلي على غزّة.

وتُقام الفعاليات الخاصّة بفلسطين، أيضاً، في "قاعة الطاسيلي"، وفي فضاء وزارة الثقافة الذي قالت وزيرة الثقافة الجزائرية صورية مولوجي، خلال افتتاح المعرض، إنّه "سيكون فضاءً فلسطينياً بامتياز، تعبيراً عن دعمنا ووقوفنا مع الشعب الفلسطيني الأبيّ والصامد بأبطاله ومبدعيه، والذي يُعلِن كلَّ يوم أنّه أراد الحياة، في حالةٍ فريدة من التحدّي والصمود"، مُضيفةً: "نرفع، من خلال هذه الدورة كلَّ التضامن والوفاء للشعب الفلسطيني المقاوِم للعدوان الغاشم من الكيان الصهيوني، والذي بلغ حدّاً خطيراً من الإجرام الضارب بعرض الحائط حقوق الإنسان والانتهاكات الصارخة للقوانين والمواثيق الدولية".

وخلال لقائها بعددٍ من الناشرين العرب والأفارقة الخميس الماضي، قالت مولوجي إنّ الجزائر، و"مع تعليق كلّ النشاطات الاحتفالية تضامُناً مع الشعب الفلسطيني الذي يمرّ بظرف في غاية الألم جرّاء الانتهاك الصارخ الذي يقوم به الكيان الصهيوني منذ مطلع الشهر، ارتأت إبقاء معرض الكتاب إيماناً منها بالدور الريادي والحيوي الذي يقوم به الكتاب في المقاومة الثقافية".

تأكيدٌ على الدور الذي يقوم به الكتاب في المقاومة الثقافية

كانت وزارة الثقافة أعلنت، في بيان أصدرته في الثالث عشر من الشهر الجاري، عن "تعليق كلّ النشاطات الاحتفالية المبرمَجة وتأجيلها إلى وقت لاحق، تعبيراً عن التضامن الكامل مع الإخوة الفلسطينيّين وعائلات الشهداء". وبناءً على ذلك، تقرّر تأجيل عددٍ من الفعاليات التي كانت مبرمَجة خلال هذه الفترة؛ وأبرزها الدورة الثالثة عشرة من "المهرجان الدولي للموسيقى السمفونية" في مدينة الجزائر، التي كانت مقرَّرة بين 19 و26 تشرين الأوّل/ أكتوبر الجاري، والدورة الرابعة من "مهرجان الفيلم المتوسّطي" في مدينة عنّابة، التي كانت مقرَّرة بين الثالث والتاسع من تشرين الثاني/ نوفمبر المُقبل، إضافةً إلى ملتقى دولي حول "التراث الثقافي المغمور بالمياه"، والذي كان مقرَّراً تنظيمه في مدينة تيبازة بين الثالث والعشرين والسابع والعشرين من الشهر الجاري.

وتشهد الدورة الجديدة مشارَكة قرابة 1300 ناشر من قرابة ستّين بلداً؛ من بينهم 267 ناشراً جزائرياً و361 عربيّاً و625 أجنبياً؛ حيث تُعرض الكُتب وتُقام الفعاليات الثقافية ضمن مساحة تتجاوز عشرين ألف متر مربَّع، وهو ما يجعل المعرض، بحسب القائمين عليه، "الأوّل عربيّاً وأفريقياً ومتوسّطياً من حيث إقبال الزوّار ومبيعات الكتب".

ومن الكتّاب المُشاركين في الدورة: إبراهيم نصر الله ويحيى يخلف من فلسطين، ونبيل سليمان من سورية، وأحمد الجوّة من تونس، ورشيد بوجدرة والحبيب السايح من الجزائر، ومجدوب العيداروس من السودان، وكليكس بيالا من الكاميرون، وتيرنو موليلانبو من غينيا، وفاتوماتا كايتا من مالي، وفيرونيكا غونزلاس لابورت من المكسيك، وإيلان ماك أتير من بريطانيا، وتود شيبارد من الولايات المتّحدة.

كيف نقرأ مالك بن نبي اليوم في ذكرى رحيله الخمسين

وبرمج المنظِّمون قرابةَ أربعين نشاطاً ثقافياً تُقام في فضاءات المعرض و"قصر الثقافة مفدي زكريا" و"المكتبة الوطنية الجزائرية" و"متحف السينما"، وتتوزّع بين الندوات التي تتناول قضايا تتّصل بالفكر والأدب والتاريخ وأدب الطفل والترجمة؛ من بينها: "آفاق النقد العربي"، و"الرواية العربية بين المحلّية والعالمية"، و"كيف نقرأ مالك بن نبي اليوم؟" لمناسبة الذكرى الخمسين لرحيل المفكّر الجزائري (1905 - 1973). كما تُقام سلسةُ ندوات تحت عنوان "الكتاب والرقمنة"؛ من بينها: "ممارسة الكتابة في ظلّ الفضاء الرقمي"، و"الرقمنة في خدمة النشر"، و"التسويق الإلكتروني للكتاب: تجارب ورهانات".

وبمشاركة كتّاب وباحثين من 18 بلداً أفريقياً؛ تُقام سلسلة من اللقاءات والندوات التي تتناول قضايا تتّصل بالثقافة الأفريقية؛ من بينها: "الفكر الأفريقي وتأكيد الذات في القرن الحادي والعشرين"، و"المشترك الصوفي الجزائري الأفريقي: قوّة ناعمة من أجل مستقبل أفريقيا"، و"الكتاب الورقي والكتاب الرقمي وتداولهما في أفريقيا"، و"إرث فرانز فانون في العالَم"، إضافةً إلى ندوة حول الزعيم الجنوب أفريقي نيلسون مانديلا (1918 - 2013) لمناسبة ذكرى رحيله العاشرة.

المساهمون