ضمن حملة اعتقالات طاولت عشرات الفلسطينيّين في مخيَّم جنين شمالي الضفة الغربية، اعتقلت قوّات الاحتلال الإسرائيلي، الثلاثاء الماضي، كلّاً من مدير عام "مسرح الحرّية" في جنين مصطفى شتا، والمدير الفنّي أحمد طوباسي، بعد اقتحام منزليهما.
وفي امتداد للحرب التي يشنّها على الشعب الفلسطيني في جميع أماكن وجوده، نفّذ الاحتلال، بين الثلاثاء والخميس الماضيَين، عدواناً عسكرياً على جنين، هو الأكبر منذ اقتحام المدينة خلال الانتفاضة الثانية بين 2000 و2005؛ إذ حشد له 1400 من جنوده، وأدّى إلى تدمير في البنى التحتية والمنازل واعتقال 700 فلسطيني واستشهاد 12 فلسطينياً؛ ليرتفع عددُ الشهداء في الضفّة الغربية، منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأوّل الماضي، إلى أكثر 288 شهيداً.
واستنكرت "شبكة الفنون الأدائية الفلسطينية"، وهي اتّحاد يضمّ ثلاث عشرة مؤسَّسة فلسطينية مختصَّة في الفنون الأدائية، اعتقال شتّا وطوباسي، العضوَين في جمعيتها العامّة، مُعتبرةً، في بيان أصدرته الخميس، أنّ الاعتقال "يأتي ضمن سلسلة الجرائم اليومية التي يمارسها الاحتلال ضدّ أبناء شعبنا الفلسطيني، والإبادة الجماعية في غزّة، والاعتقالات والاغتيالات اليومية في شتّى أنحاء فلسطين التاريخية".
ليست هذه المرّة الأُولى التي يستهدف فيها الاحتلال الإسرائيلي "مسرح الحرّية"؛ ففي تمّوز/ يوليو الماضي، قصفته طائرات الاحتلال المسيَّرة بقذائف صاروخية، خلال اقتحام مخيَّم جنين، وحوّلته إلى أنقاض. وقبل ذلك، هدمته خلال اجتياحها المخيَّم عام 2002، ولم تتوقّف ملاحقة القائمين عليه منذ ذلك الحين، لكنّها تزايدت بشكل كبير خلال السنتَين الأخيرتَين.
يُذكَر أنّ "مسرح الحريّة" تأسّس عام 2006؛ وهو النسخة الثانية من "مسرح الحجارة" الذي تأسَّس عام 1987، كشكل من أشكال "مقاومة الاحتلال بطريقة إبداعية ثقافية"، قبل أن تهدمه "إسرائيل" خلال ما سُمّي بعملية "الدرع الواقي" في آذار/ مارس 2002. وفي تلك الفترة، اعتقلت زكريا الزبيدي، أحد قادة "كتائب شهداء الأقصى" وأحد مؤسّسيه، بتهمة "دعم الإرهاب من خلال أعمال ثقافية"، وفي 2011، اغتيل مديرُ المسرح السابق، المخرج والناشط جوليانو مير خميس، ولم يُكشف عن الفاعل منذ ذلك الحين.
وكان المسرح من المشاركين، مع عددٍ كبير من المؤسَّسات الثقافية الفلسطينية في الداخل والشتات، خلال الإضراب العالمي الشامل الذي نُفّذ الاثنين الماضي تنديداً بالعدوان الصهيوني على غزّة. وفي الخامس عشر من تشرين الأوّل/ أكتوبر الماضي، وقّع بياناً بعنوان "المقاوَمة حقّ"، ممّا ورد فيه: "كعاملين وناشطين في الحقل الثقافي، نعلن دعمنا الكامل وغير المشروط للمقاومة الفلسطينية في غزّة، في سبيل دحر الاستعمار وتحرير الإنسان والأرض من البحر إلى النهر، وما نحن إلّا امتداد لهذا النضال"، مضيفاً أنّ "على الثقافة والفنّ إعادة إنتاج معانيها من صلب مشروع تحرُّري واضح البوصلة".
اعتُقل أحد مؤسِّسيه منذ عام 2002، واغتيل آخر عام 2011
في سياق ذي صلة، أعلنت "مدرسة سيرك فلسطين" (تأسّست عام 2006) استشهاد عضوها رامي عبوشي خلال اقتحام جيش الاحتلال الإسرائيلي مخيّم الفارعة في الضفّة الغربية في الثامن من الشهر الماضي، بينما مدّد الاحتلال الاعتقال الإداري بحقّ الفنّان محمّد أبو سخا، الذي يعمل منسّقاً للبرامج الاجتماعية في المدرسة، والذي اعتُقل في حزيران/ يونيو الماضي.
وأدانت المدرسة، في بيان لها، "حرب الإبادة والتهجير التي تُمارسها سلطات الاحتلال الإسرائيلي الإرهابية بحقّ الشعب الفلسطيني في قطاع غزّة الحبيب، والمداهمات وعمليات الإعدام اليومية ومصادرة الأراضي وتهجير التجمّعات السكّانية للفلسطينيين في الضفّة الغربية"، إضافةً إلى "حرب الانتقام والتنكيل والتعذيب والتجويع التي تمارَس على أكثر من 8000 أسير فلسطيني، تمّ اعتقال أكثر من 3500 منهم في آخر شهرين"، مطالبةً بـ"وقف حرب الإبادة والتهجير التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي الإرهابي بحقّنا ومحاسبته على كل الجرائم التي ارتكبها منذ 75 عاماً بحقّ الشعب الفلسطيني، وبحقّ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي انتهكته دولة الإرهاب الإسرائيلية في كلّ يوم منذ إعلانها قبل 75 عاماً".