ينظم مركز خليل السكاكيني في رام الله بالتعاون مع المتحف الفلسطيني في بيرزيت، سلسلة من المحاضرات تستعيد تجارب مربين من القدس وهم خليل السكاكيني، وهند الحسيني، وحسني الأشهب.
وفي تقديم السلسلة أحال المنظمون أهمية عقد هذه المحاضرات إلى الحالة الراهنة التي تشهدها المدارس في فلسطين، و"المُعيقات التي يُواجهها قطاع التعليم في تطبيق السياسات الرسمية وغير الرسمية التي تحث الطلبة على تكوين وعي مستنير يجعلهم فاعلين في مُجتمعهم، وتتصدى للانتهاكات التي يتعرضون لها بِفعل ممارسات الاحتلال الإسرائيلي، خصوصًا في مدينة القدس".
تسلط المحاضرات الضوء على هؤلاء المُربين المقدسيين الذين وضعوا أفكارهم الحداثية حول المدرسة موضِعَ التنفيذ في لحظات تاريخية تكاثفت فيها نكبات الشعب الفلسطيني.
تبدأ السلسلة بندوة تحت عنوان "ملامح مشروع خليل السكاكيني التربوي والفكري الحداثي" يتحدث فيها كل من الأكاديميين سليم تماري وماهر الشريف وأباهر السقا، عند الخامسة من مساء الإثنين المقبل، 16 من الشهر الجاري.
تُسلط الندوة الأولى الضوء على شهادات حول الممارسات التربوية والنشاط الفكري لخليل السكاكيني في أواخر العهد العثماني وخلال فترة الانتداب البريطاني، ويتخذ المشاركون من مذكراته مَدخلًا لفهم التاريخ الاجتماعي في فلسطين، والتركيز على المبادئ البيداغوجية التي وضعتها المدرسة الدستورية ضمن حَيز التطبيق.
وخليل السكاكيني (1878-1953) هو كاتب ومربٍ فلسطيني مقدسي، درَّس اللغة العربية في مدرسة الصلاحية في القدس، ثم أنشأ مدرسته الخاصة في القدس عام 1909 أسماها بمناسبة اعتماد دستور الإمبراطورية العثمانية الجديد المدرسة الدستورية، والتي اشتهرت بسبب توجهها الوطني وبسبب منهاجه الرائد فيها، حيث لم يعتمد نظام الدرجات.
الشخصية الثانية التي يجري تسليط الضوء عليها هي هند الحسيني (1916-1994) التي تلقت تعليمها في الكلية الإنجليزية للبنات، وأنهت دراستها الثانوية عام 1937. امتهنت التدريس، وأسست جمعية التضامن الاجتماعي النسائي في القدس، التي أصبح لها 22 فرعاً كان من أهم مهماتها محو الأمية وتعليم الأطفال.
عند وقوع مذبحة دير ياسين، جمعت الحسيني 55 طفلاً كان ذويهم من ضحاياها، وأسكنتهم في غرفتين في البلدة القديمة، كانت نواة "دار الطفل العربي"، وتدرجت في بناء وتوسعة الغرفتين إلى أن أصبحتا عمارة عام 1970، ضمت الحضانة وبساتين الأطفال والمرحلة الإعدادية والثانوية.
كذلك تتناول المحاضرات تجربة المربي والمعلم حسني الأشهب (1917-1998) الذي عمل في مدارس الخليل، والقدس، وعمان، والكرك ومعان. لعب الأشهب دوراً أساسياً في الحفاظ على المنهاج العربي بالقدس؛ برفض تطبيق المنهاج الاسرائيلي على مدارسها، وشجع الطلاب على رفض التوجه لتلك المدارس.
وعند احتلال القدس في حزيران من العام 1967، تحرك الأشهب لتكوين "لجنة المعلمين السرية" وضمت: فوزي جابر، وطاهر النّمري، وعليَّة نسيبة، وفاطمة أبو السعود، وإبراهيم الباشا، وعبد الجليل النتشة، وكانت مهمتها المحافظة على مناهج التعليم العربي في مدينة القدس.