"عوالم راشد حسين" عنوانُ المدوّنة الصوتية التي يبثّها "المتحف الفلسطيني" في بلدة بيرزيت (25 كلم شمال القدس) عند الثامنة من مساء الأحد المقبل، عبر منصّاته على مواقع التواصل الاجتماعي، بالشراكة مع مؤسّسة "صوت".
يستكشف العمل سيرة الشاعر الفلسطيني (1936 - 1977) وكيف أثّرت النكبة في حياته ومشواره الشعري والسياسي وتجربته النضالية، حيث يُعدّ أحد أبرز أصوات شعر المقاومة في خمسينيات القرن الماضي، الذي شكّل التعبيرات الأولى عن واقع الاحتلال بعد نكبة فلسطين عام 1948.
قام بالإعداد والبحث والتقديم مرح خليفة، وشاركتها الكتابة كلّ من جنى قزّاز وحنين صالح، وفي التحرير تالا العيسى ومحمود الخواجا، وفي الهندسة الصوتية محمود أبو ندى، وتضمّنت المدوّنة مقابلات مع الروائي اللبناني إلياس خوري، والباحثة هنيدة غانم، وقريب الشاعر الناشط رأفت آمنة جمال من فلسطين.
علماً أن المدوّنة تستمّد عنوانها من كتاب "عالم راشد حسين: شاعر فلسطيني في المنفى"، الذي صدر بالإنكليزية عام 1979، وضمّ مقالات ودراسات بتقديم وتحرير الفنّان والناقد والمؤرّخ الفلسطيني الراحل كمال بُلّاطه الذي أنجزه بالتعاون مع المترجمة والناقدة اللبنانية ميرين غصين، من دون إشارة فريق الإعداد إليه رغم أنه المصدر الأبرز في توثيق تجربة راشد حسين، فحتى عنوان المدونة الصوتية هو تقريباً عنوان الكتاب المذكور. وإن كان "فريق البحث" لم يطّلع على الكتاب المذكور فما هو البحث الذي قام به؟
تنطلق المدوّنة من مولد الشاعر في قرية مُصمُص شمالي أم الفحم، وتعلّمه في كتّابها قبل أن ينتقل مع عائلته للإقامة في مدينة حيفا عام 1944، ثم يعود إلى قريته بعد وقوع النكبة حيث واصل تعليمه الثانوي في مدرسة الناصرة، ثم عمل مدرساً لمدّة ثلاث سنوات إلى أن فصلته سلطات الاحتلال من وظيفته واعتقلته مع بدايات نشاطه السياسي عام 1958.
يستند المشروع إلى كتاب كمال بُلّاطه ولا يشير إليه
يضيء العمل بداياته الشعرية؛ حيث كتب القصيدة العمودية والتفعيلة وأصدر مجموعته الأولى تحت عنوان "مع الفجر" (1957)، ثم تبعته مجموعة ثانية بعنوان "ًصواريخ" في العام التالي، والتي حملت قصائدها مضامين ثورية كسرت حاجز الخوف الذي فرضه الكيان من خلال ترهيب الحكم العسكري لأبناء الشعب الفلسطيني في فلسطين المحتلّة عام 1948، وبعد التضييق عليه انتقل راشد حسين إلى الولايات المتّحدة عام 1966.
عمل في نيويورك مترجماً في مكتب "منظمة التحرير الفلسطينية" و"جامعة الدول العربية"، وواصل كتاباته ونشاطه السياسي، ثم سافر إلى دمشق عام 1972 وعمل في الترجمة لصالح "مؤسّسة الأرض للدراسات الفلسطينية"، ثم عاد إلى أميركا بعد حرب تشرين الأول/ أكتوبر سنة 1973، وأصبح مراسلاً لوكالة الأنباء الفلسطينية هناك.
أصدر حسين مجموعته الشعرية الثالثة والأخيرة بعنوان "أنا الأرض، لا تحرميني المطر" (1976)، كما شارك في تأسيس "مؤسّسة الدراسات الفلسطينية"، ورحل في حادث غامض تسبّب في احتراق شقّته بنيويورك عام 1977، ونُقل جثمانه إلى مسقط رأسه حيث دُفن هناك.
كتب راشد حسين في مراحله الأولى قصيدة متينة، عالية النبرة، فهو يفتتح قصيدة "الثوار ينشدون" بقوله: "سنُفهم الصخرَ إنْ لم يَفهم البشرُ/ أنّ الشعوبَ إذا هَبَّت ستنتَصِرُ/ مهما صنعتمْ من النيران نُخمدها/ ألم ترَوا أننا من لفحها سُمُرُ/ ولو قضيتم على الثوار كلّهم/ تَمرَّدَ الشيخُ والعكّاز والحَجَرُ". وفي قصائده الأخيرة شفّ صوته وكتب قصائد ذات نبرة خفيضة من بينها قصيدته التي تشبه النبوءة عن "الموت في نيويورك" التي يقول في واحد من مقاطعها: "أصدقاؤك انتهوا/ ماتوا يغازلون دولاراتهم/ ماتوا بلا أسماء".