"مدوّنة المهن الفنّية" في الجزائر: الإبداع بوصفه مجرّد وظيفة؟

06 سبتمبر 2024
الممثّل الجزائري الراحل أحمد بن عيسى والممثّلة الإيطالية آنا أندريوتي في عرض مسرحي، 2015
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **إعلان مدوّنة المهن الفنّية**: أُعلن في الجريدة الرسمية الجزائرية عن "مدوّنة المهن الفنّية" التي تشمل 222 مهنة موزعة على تسعة مجالات فنّية وثقافية، تنفيذاً لـ"القانون الأساسي للفنّان" الصادر في نوفمبر 2023.

- **تفاصيل المهن الفنّية**: تتضمن المدونة مهنًا متنوعة مثل الشاعر، المؤلّف الأدبي، والممثل المسرحي، مع إضافة مجالات جديدة مثل "فنون الشارع" و"الفنون الرقمية".

- **ردود الفعل والتحديات**: رغم الترحيب بالمدونة، أشار بعض الفاعلين إلى غياب مجالات مثل النقد المسرحي والسينمائي، وأكد "المجلس الوطني للفنون والآداب" أن المدونة قابلة للإثراء والتعديل.

تشمل "مدوّنة المهن الفنّية"، التي أُعلن عنها في قرار وزاري صدر مؤخّراً في "الجريدة الرسمية" الجزائرية (رقم 54، المؤرّخة في 8 أغسطس/ آب 2024) مئتين واثنتين وعشرين "مهنة" تتوزّع ضمن تسعة مجالات فنّية وثقافية؛ هي: الفنون الأدبية، والفنون المسرحية، والفنون الموسيقية، وفنون العرض، والفنون الكوريغرافية، والفنون البصرية، والفنون السينماتوغرافية، والسمعي البصري، وفنون الشارع، والفنون الرقمية.

وحسب وزارة الثقافة الجزائرية، فإنّ النصّ الجديد يأتي تنفيذاً لـ"القانون الأساسي للفنّان" الذي صدر في نوفمبر/ تشرين الأوّل 2023، وتُعرّف مادّته الثالثة والعشرون المهن الفنّية بأنّها "مجموع المهن التي يمارسها الفنّان، من خلال الإبداع أو المشاركة بعمله الفنّي أو الأدبي أو التقني أو الإداري في الإبداع وإعادة الإبداع الفنّي، أو في أدائه أو تنفيذه بأي شكل كان، وعلى جميع الدعائم والوسائط"، في حين تُحدِّد المادّة الخامسة والعشرون تسعة مجالات لهذه المهن، وتترك المادّة الرابعة والعشرون لوزير الثقافة تحديد قائمة تلك المهن، بعد موافقة "المجلس الوطني للفنون والآداب" عليها.

وصدر القرار بعد المصادقة عليه من طرف المجلس؛ وهو هيئة تتبع وزارة الثقافة أُنشئت عام 2011، بهدف المشاركة "بآرائه وتوصياته واقتراحاته في التعريف بعناصر سياسة تطوير الفنون، وحماية حقوق الفنّانين وترقيتها". وتُمثّل المدوَّنة الجديدة تحديثاً لقائمة "مهن الفنون والآداب" كان المجلس قد أعلن عنها خلال اجتماع مع وزارة المالية في ديسمبر/ كانون الأوّل/ 2019، ونُشرت عبر الموقع الإلكتروني لـ"المديرية العامّة للضرائب".

تتضمّن المدونة 222 "مهنةً" تتوزّع على تسعة مجالات

ويتضمن مجال "الفنون الأدبية" مهناً مثل: الشاعر، والشاعر الشعبي، وراوي الشعر الشعبي، والمؤلّف الأدبي، والناقد الأدبي، والمترجم الأدبي، والحكواتي أو "الحلايقي"، ومُنشد الشعر، فيما يشمل مجال "الفنون المسرحية" مهناً من قَبيل: المؤلّف المسرحي، والدراماتورغ، والمقتبِس المسرحي، والمُخرج المسرحي، والمُترجم المسرحي، والممثّل المسرحي، والسينوغرافي.

ويُعرّف نصُّ القرار الشاعر، مثلاً، بأنّه "فنّان يستخدم اللغة الشعرية للتعبير عن مشاعره وأفكاره وتجاربه بطريقة جمالية وإبداعية. فهو من يقول الشعر وينظمه، وهو من يكتبه بأشكاله المتنوّعة وفق خصائص الشعر المتعارف عليها، في صورة القصيدة العمودية والحرّة وقصيدة النثر والهايكو، وغيرها من الأشكال"، ويعرِّف المؤلّف الأدبي بأنّه "فنّان يمتلك تقنيات الكتابة، ويؤلّف كتباً أدبية وفكرية في جميع الأنواع الأدبية بهدف نشرها. يتميّز بقدرته على التعبير عن الأفكار والمشاعر بطريقة فنّية وجمالية تستهوي القرّاء".

ويتضمّن النصُّ مجالَين جديدين؛ هما: "فنون الشارع" و"الفنون الرقمية". تندرج ضمن الأوّل ممارساتٌ مثل: المتكلّم من البطن في الشارع، وحكواتي الشارع، وممثّل مسرح الشارع، والمهرّج في الشارع، والمغنّي في الشارع، والفنّان النحات في الشارع، وفنّان التمثل الحي الذي يعرّفه القرار بأنّه "الفنّان الذي يقف في الشارع وكأنّه تمثال حيّ، يكون أحياناً مزيَّناً بألوان مشابهة لألوان المواد كالذهب والفضّة والبرونز. لا يقتصر عرضه على التمثيل الواقعي، بل يثير الخيال ويحفّز التفسير الفنّي". وضمن المجال الثاني، تندرج ممارسات مثل: الرسّام الرقمي، والمركّب الرقمي، ومعالج الصور الرقمية، والمؤلّف الرقمي، ومُصمّم ألعاب الفيديو، والرسّام الغرافيكي.

وتعليقاً على المدوّنة، أشار بعض الفاعلين في المجالَين الثقافي والفنّي إلى غياب بعض المجالات عن قائمة المهن الفنّية "المعترَف بها" رسمياً؛ مثل النقد المسرحي، والنقد السينمائي، والنقد التشكيلي، في الوقت الذي أُدرج فيه النقد الأدبي ضمن مهن "الفنون الأدبية"؛ وهي الملاحظات التي علّق عليها "المجلس الوطني للفنون والآداب" في بيان أشار فيه إلى أنّ "المدوّنة، التي جرت صياغتها بعد استشارة الفنّانين والمهنيّين والأكاديميّين النشطين في الميدان الثقافي ككلّ، قابلة للإثراء والتعديل كلّما اقتضت الضرورة ذلك".

يُحقّق النصُّ، في أحد وجوهه، مطلباً أساسياً للفنّانين الجزائريّين الذين طالما نادوا بالاعتراف بمهنهم، وتوفير تأمين اجتماعي لهُم، مثل غيرهم من أصحاب المهن الأُخرى، غير أنّ كثيراً من "المهن" المدرجَة ضمن المدوَّنة لا تُعدّ -بالمعنى الإداري- مهناً بالمفهوم المتعارف عليه؛ فعلى خلاف المجالين المسرحي أو السينمائي مثلاً، اللذين يتفرّغ معظم المنتمين إليهما لممارسة مهن كالإخراج والتمثيل وغيرهما، ينتمي كثيرٌ من ممارسي الكتابة، بأشكالها ومجالاتها المختلفة، إلى وظائف رسمية أُخرى مثل التعليم والصحافة وغيرهما، ولعلّ كثيراً منهم يفضّل بقاء المجال الإبداعي خارج جميع التصنيفات الإدارية والبيروقراطية.

آداب وفنون
التحديثات الحية
المساهمون