يعمل الفنان المصري المعاصر محمد عبد الكريم، على مشروع مظلّي umbrella project، منذ 2014، يتكون من سلسلة بعنوان "حلقات درامية عن التنقل"، وما بين 2014 و2017 ظهرت منه ست حلقات أساسية، ثم بدأ الفنان يدمج بعض الحلقات ويطور بعضها الآخر فأصبح هناك حلقات فرعية؛ من هذه يأتي العرض الذي يقدم أونلاين بعنوان "حين يتعلق الأمر بالحقيقة لا أجرؤ أن أخبرك" بتنظيم غاليري "تيمبوراري" السويسري عند العاشرة من مساء الثلاثاء المقبل.
يقول عبد الكريم في حديثه إلى "العربي الجديد"، إن "المشروع يتحدث عن التنقل والهجرة والنزوح والمنفى والهجرة القسرية، كل أنواع التنقل، ولكن من دون التطرق إلى أحداث معاصرة، فأنا لا أتناول مثلاً اللاجئين السوريين، بل التنقل من وجهة نظر تاريخية نحاول من خلالها أن نفهم اللحظة المعاصرة".
يضيف "يتعامل المشروع مع شخصيات وتاريخ، بعض هذه الشخصيات حقيقي وبعضها نصف حقيقي وهناك شخصيات متخيلة ومخلوقات، والعرض المقبل تحضر فيه شخصية ابتكرتها وتحضر دائماً في أعمالي، وهو فنان متخيل اسمه هارون كنشور صومالي يعيش في ألمانيا، ويقوم العرض الأدائي على حوار بيني وبين كنشور فأسأله عن عمله في الوسط الفني الأوروبي في برلين، وخلال الحوار يحكي سلسلة من القصص التي تتوالد من بعضها، كثير منها يدور في البحر".
عمل بلغة يمثل لي الانتقال إلى جسد آخر والانتقال من اللغة الأم إلى لغة ثانية، إنه نوع من الصراع يخلق جماليات معينة تشغلني
يذكر عبد الكريم أن البحر معطى أساسي في عروضه، واجتياز البحر والقرصنة بمعنى المقاومة والمرتبطة بمكان يتردد عليه كثيراً في عمله، وهو جمهورية بوروقراق، أو جمهورية سلا، في المغرب، مكان مدينة الرباط، ورغم أن الجمهورية حقيقية وكانت تقوم على القرصنة، وعاشت لفترة قصيرة بين عامي 1627 و1668، لكن التفاصيل التي يتحدث عنها الفنان متخيلة.
اختار الفنان جمهورية بورقراق لأن كل السرديات حولها شفهية، ما يتيح له أن يبني حولها الحكايات والقصص وأن يتخيل لها تاريخاً، والعرض كله يقوم على قراءة نص من الشعر والنثر والسرد، والتفاعل مع قصص هارون كنشور وموضوعها الأساسي التنقل الذي قد يكون من مكان إلى مكان أو من جسد إلى جسد.
العرض مكتوب بالإنكليزية، ويختار الفنان هذا العمل بلغة أخرى لأنه "عمل بلغة تمثل لي الجسد الآخر والانتقال من اللغة الأم إلى لغة ثانية، إنه نوع من الصراع يخلق جماليات معينة تشغلني، أنا أيضاً تنقلت بين مدن مختلفة في إقامات فنية من باكستان إلى إسبانيا والمغرب وصولاً إلى فلسطين، وأصبحت أجمع القصص أثناء هذه الإقامات، فأنا دائماً في حالة من التنقل كفنان، أتناول القصص من ثقافات لا أعرفها بخيار شخصي فهي ليست جزءاً من تاريخي،ما يتيح لي أن أدخل من دون إرث ثقافي خاص بها، وهذا يظهر جماليات لا تظهر لو عملت على قصة من مصر".
كأن الفنان يبني شبكة من الحركة تتجاوز فكرة الانتقال من مكان إلى آخر، فالتنقل كموضوع في العرض ترافقه خيارات الفنان في التحدث بلغة أجنبية،وكذلك يلتقي مع الشخصيات التي تتحرك بين الأماكن في قصصه، والانتقال بين الواقع والمتخيل، خيار يشبه عبد الكريم نفسه كفنان يسافر بشكل مستمر ويعيش لفترات متقطعة في أماكن مختلفة من العالم،