محمد حقّي صوتشين.. إعادة الاعتبار للأدب العربي في تركيا

31 مارس 2023
من الساحة الرئيسية المُفضية إلى "جامعة غازي" في أنقرة
+ الخط -

غالباً ما يقترن اسم مترجمٍ ما بأدب اللغة التي يُترجم منها. وبلا شك، فإنّ الأدب العربي في تركيا اليوم اقترن باسم المترجم والبروفيسور التركي محمّد حقّي صوتشين، الذي أعاد الاهتمام بالأدب العربي في تركيا، بعد قطيعة استمرّت لعقود مع اللغة العربية وثقافتها، واقتصار الترجمة عن العربية خلال تلك الحقبة على كتب التراث الإسلامي.

وعلى أهمية ما ترجمه صوتشين من الأدب العربي إلى التركية، سواء من الأدب الكلاسيكي مثل المُعلَّقات السبع، و"طوق الحمامة" لابن حزم، و"حي بن يقظان" لابن طفيل، أو من الأدب الحديث، مثل أعمال ليحيى حقي وأدونيس ونجيب محفوظ ومحمود درويش حتى عدنية شبلي، إلّا أنّني أريد أن أسلّط الضوء على الدور الذي يلعبه صوتشين كمترجم في تنشيط الثقافة العربية في المجتمع التركي بعد ركود طويل، وجهوده كأستاذ جامعي في إعداد جيل جديد من طلّابه المترجمين للتعريف بالأدب العربي.

قدَّم صوتشين العديد من المؤلّفات النظرية حول اللغة العربية وطرق تدرسيها في تركيا، حيث ترأّس اللجنة التي تولَّت إعداد منهج اللغة العربية حسب الإطار المرجعي الأوروبي للغات، في المراحل التعليمية الثلاث، إلى جانب تنظيمه ومشاركته في العديد من ورشات الترجمة الأدبية بين اللغتين العربية والتركية، في تركيا وكثير من البلاد العربية، والتي ساهمت أيضاً، مثل جهوده مع طلّابه في الجامعة، في إعداد جيل جديد من المترجمين.

يقترن الأدب العربي في تركيا اليوم باسم محمّد حقّي صوتشين

يلاحظ المتابع لأقسام اللغة العربية في الجامعات التركية، أنّ قسم اللغة العربية وآدابها في "جامعة غازي" بأنقرة، الذي يترأّسه صوتشين منذ عام 2019، هو أنشط أقسام العربية في تركيا. حيث تظهر جهود صوتشين مع طلّابه من المترجمين الأتراك الشباب، فهو ليس قسماً تقليدياً لتدريس العربية، لكنه بمثابة مؤسّسة ثقافية تحاول مدَّ جسور حقيقية مع العالم العربي. حيث يُشرف صوتشين على ترجمات طلّابه الأُولى، ويقترح عليهم أسماء جديدة من الأدب العربي بشكل مستمرّ.

وقد أثمرت هذه الجهود عن ترجمات مهمّة من الأدب العربي بالتركية، أنجزها طلّابه. ومن أبرز هذه الترجمات: رواية "شرق المتوسّط" لعبد الرحمن منيف، بتوقيع عائشة إسبر، وكتاب "الدين والدولة وتطبيق الشريعة" لمحمد عابد الجابري، بتوقيع محمد شاير، ومختارات قصصية لبهاء طاهر، بعنوان "لم أعرف أنّ الطواويس تطير" بتوقيع ظافر جيلان، ورواية "عصافير داروين" لتيسير خلف، بتوقيع عكاش هنجيل، ورواية "الموت عمل شاق" لخالد خليفة، بتوقيع حميرة رضوان أوغلو.

يُحسَب للبروفيسور حقّي صوتشين أيضاً، أنّ ترجماته لا تحظى باهتمام الأوساط الأكاديمية فحسب، بل أصبحت تحقّق مقروئية عالية بين القرّاء الأتراك؛ مثل ترجمته لرواية "تفصيل ثانوي" للروائية الفلسطينية عدنية شبلي، التي صدرت في ثلاث طبعات تركية، وفازت بجائزة "أفضل ترجمة" لعام 2022، والتي يمنحها ملحق الكِتاب لـ"صحيفة دنيا" التركية. وهي المرّة الأُولى التي تُمنح فيها الجائزة إلى عملٍ مُترجم من الأدب العربي، منذ أن تأسّست قبل ثمانية وعشرين عاماً. كما حصل أيضاً، المترجم ظافر جيلان، وهو أحد طلّاب صوتشين، على "جائزة طلعت سعيد هالمان" لعام 2022، عن ترجمته لرواية "النجدي" لطالب الرفاعي.

المساهمون