منذ بداياته في عقد السبعينيات، ارتبطت لوحة محمد الأمين المليحي بالحروفيات لكنه ظلّ يضيف إليها أشكالاً وتكوينات جديدة، منزاحاً إلى أسلوب يسميه "السريالية الهندسية"، حيث تتجاور لديه رموز وعلامات من الزخرفة الإسلامية والعمارة التقليدية مع أشكال من الطبيعة مثل البحر والنجوم والكواكب في عمل واحد.
تجتمع تأثيرات عديدة في تجربة الفنان التشكيلي المغربي (1953)، بعضها يعود إلى الجيلالي الغرباوي وأحمد الشرقاوي اللذين وظفا التراث البصري المغربي؛ الأمازيغي والعربي والأفريقي، كما استفادا من مرجعيات الفن الأوروبي دون الانسياق لتقاليده، كما تأثر أيضاً بأسلوب "مدرسة باريس" وخاصة فنانين مثل لوحات جورج ماثيو وبيار سولاج وغيرهما.
حتى العاشر من الشهر المقبل، يتواصل في "مؤسسة محمد السادس للنهوض بالإجراءات الاجتماعية للتعليم والتكوين" بالرباط، معرض المليحي تحت عنوان "سحر الهندسة" والذي افتتح مساء الجمعة الماضي.
في جميع اللوحات المعروضة، تحضر عناصر من الطبيعة إلى جانب الخط العربي، التي يستمدّها من مدينته أصيلة تحديداً، كما يبرزها اللونان الأبيض والأزرق في مساحات التقاء السماء مع بحر المدينة، أو في طلاء منازلها بهذين اللونين غالبا.
ويستند المليحي في الزخارف إلى مرجعيات تراثية سابقة مثل فن الزليج الأندلسي بما يحتويه من فسيفساءات هندسية النمط، لتزيين الجدران والأسقف والنوافذ، وكذلك من النقوش الموجودة على المآذن والقباب وجدران المساجد، أو تلك التي تزين أقداح الشاي المغربية.
يشير الباحث مصطفى زيان في تقديمه المعرض إلى أن "الأشكال الهندسية في أعمال المليحي، تشكّل خطاباً تواصلياً بين ذات الفنان وذات المتلقي، وتعبيراً عن أحاسيس تترجمها رسوم وأشكال متعددة الألوان والدلالات والثيمات، وإلى جانب تميزه في الفنون التشكيلية، يشتغل على الخزف ويبرع فيه، حيث تمرس على تشكيل الطين المحلي متعدد الألوان، وهو يمتح ثيماته الخزفية من التراث المحلي".
يُذكر أن محمد الأمين المليحي درس الخزف في "مدرسة الفنون والهندسة المعمارية" بمدينة مرسيليا الفرنسية، قبل أن يعود إلى بلاده ويعمل مدرساً للفنون لعقود عدّة، وأصدر كتاباً عن الحكاية الشعبية بعنوان "مائة حكاية وحكاية من أصيلا" ضم رسوماته، كما شارك في العديد من المعارض الفردية والجماعية داخل المغرب وخارجه.