مجلّة "بداية": الربيع العربي أبعد من النجاح والفشل

09 ابريل 2023
خلال تظاهرة في إدلب تُطالب بإسقاط النظام السوري، شباط/ فبراير 2012 (Getty)
+ الخط -

في مطلع العام الماضي، 2022، أطلق فرع "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" في باريس العدد الأوّل من مجلّة "بداية"، وهي دوريةٌ سنوية إلكترونية، تصدر باللغة الفرنسية، وتختصّ بالعلوم الإنسانية والاجتماعية. وتُعنى المجلّة، بحسب تعريف القائمين عليها، بأن تكون فضاءً ينشر الباحثون الشباب، والطلّاب المهتمّون بشؤون العالَم العربي، أبحاثاً ومقالاتٍ تسمح، في كلّ عدد، بإتاحة "تقاطُعٍ للتحليلات والنظرات حول العالَم العربي".

بعد العدد الأوّل، الذي تمحور حول قضية "النساء في الثورات العربية"، عادت المجلّة قبل أيام بعددها الثاني، الذي يُخصِّص ملفّه للبحث في "الثورات العربية بعيداً عن النجاح أو الفشل". المجلّة، التي تُشرف عليها مجموعةٌ من الباحثات والباحثين الفرنسيين والعرب، تُفتَتح بمقالة تقديمية لتاميراس فاخوري ولميس عزب، اللتين تُشيران إلى رغبة القائمين على العدد في الذهاب أبعد من القراءة الحتمية للثورة، التي لا يُنظر إليها إلّا من باب نجاحها (وصول الثوّار إلى الحُكم)، أو فشلها (في حال عدم وصولهم إلى السُّلطة). قراءتان تقيّدان إمكانية فهم الثورات، عبر مرْحلتها في فترة اندلاع وفي مسار وفي نتائج؛ ومن هنا جاء خيار المجلّة في مقاربة الثورات العربية بوصفها مجموعة من النشاطات المستمرّة والمتفاعلة في ما بينها، التي يكتبها عددٌ كبيرٌ من الفاعلين ويُشكّلها عددٌ كبير من القصص ومن الظروف الإقليمية والدولية.

الحديث عن نجاح الثورات أو فشلها يحدّ من إمكانية فهمنا لها

زاويةُ نظرٍ نعثر عليها في مُجمل الأوراق التي تتنوّع في مواضيعها. من ذلك، مثلاً، ورقة رومان ميلي أوريو حول بحث السوريّين عن فضاءات زمانية ومكانية بديلة لثورتهم، حيث يفضّل الباحث الشاب التوقّف عند ما استطاعت الثورة السورية تغييره والمجيء به، ولا سيّما مسألة استعادة المكان والفضاء العام، أو استعادة ما يسمّيه -مشياً على خطى المفكّر الفرنسي هنري لوفيفر- "حقّهم في المدينة". خطوةٌ يُضيفها إلى استطاعة السوريّين، أيضاً، تنظيم أنفسهم سياسياً، ولا سيّما خلال السنوات الأُولى من الثورة، في إطار لجان التنسيق المحلّية، ما أتاح لهم ممارسة ما يسمّيه "السياسة المباشرة". ويرى أوريو أن هذه المكاسب باتت مكرّسة، وأن الأفكار والمَطالب والرؤى الجديدة التي جاء بها الثوّار لا تزال حيّةً أو راكنة في مكان ما، بحيث يمكن لها أن تُستكمَل وأن تغذّي الثورات القادمة والمُمكنة في البلد.

إضافة إلى هذا البحث، يشمل الملفّ مقالاتٍ حول مسعى متظاهري ماسبيرو لإعطاء معنى سياسيٍّ لاحتجاجهم ضدّ نظام السيسي (كما في بحث عمرو عبد الرحيم)؛ وبحثاً في العمران يُقاطع بين تاريخ بيروت وتاريخ باريس (أنايل داود بن عطوش)؛ إلى جانب ورقة تُقارب بين مقاومة التونسيّين لقمع السلطات للمتظاهرين في بداية الربيع العربي، وبين الإرث الكولونيالي للقمع، ومواجهة التونسيّين له، في أثناء الاستعمار (أو ما يُسمّى "الحماية") الفرنسي للبلد، بين 1881 و1956.

خارج ملفّه، يشمل العدد قسمَيْن آخرَيْن: منوّعات، الذي يضمّ مقالات حول حزبَي "القوّات" و"الكتائب" في لبنان (إدغار فوكلان) والجيش المصري (بُنوا برتران دوبالاندا)، والسينما العالمية التي تتناول فلسطين (دافيد أمورو)؛ وقسم "مقروء، مرئيّ ومسموع" الذي يضمّ ثلاث مراجعات: حول حضور أبناء المهاجرين العرب في المسلسل الأميركي "رامي"، وحول الفيلم الوثائقي "خمس كاميرات محطّمة"، وحول كتاب "شرق أوسط مُذهِلٌ: تاريخ مخدّرات وسُلطة ومجتمع" للأكاديمي الفرنسي المختصّ بتاريخ الشرق الأوسط، جان بيير فيليو.

المساهمون