إذا كان "متحف ليوبولد" في العاصمة النمساوية فيينا معروفاً بما يكفي لدى محبّي الفنّ ومتابعيه، وهو الذي يضمّ مجموعة واسعة من لوحات الفنانين النمساويين الحداثيين، إلى جانب احتوائه على أكبر مجموعة في العالَم من أعمال إيغون شيله (1890 ــ 1918)، فإن هذه الشُهرة قد توسّعت أكثر، في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، مع قيام مجموعة من الناشطين البيئيين بسكْب سائل زيتيّ أسود على لوحة معروضة فيه للتشكيلي النمساوي غوستاف كليمت.
ويبدو أن هذا الفعل الاحتجاجي ــ الذي كان الغرض منه لفت الأنظار والتحذير من مخاطر الاحتباس الحراري ــ لم يمرّ من دون دفع القائمين على المعرض إلى إعادة التفكير في ما يمكنهم فعله تجاه الأزمات البيئية الراهنة، وهو ما أفضى قبل أيام إلى قرارهم بعرض بعض اللوحات بشكل غير مألوف في المتاحف.
فقد بدأ المتحف، في الثاني والعشرين من آذار/ مارس الجاري، بعرض خمس عشرة لوحة من مجموعته بشكلٍ مائل، وبدرجاتِ مَيْلٍ تتوازى مع عدد الدرجات التي يمكن للتضاريس الطبيعية التي تصوّرها هذه اللوحات أن تشهدها في السنوات والعقود القليلة المقبلة، إنْ كان على مستوى ارتفاع حرارتها أو على مستوى ارتفاع منسوب المياه في البحار والمُحيطات بسبب ذوبان الثلوج في القطبين بفعل الاحتباس الحراري.
وتشمل الأعمال التي جرت إمالتُها لوحاتٍ معروفة مثل "أمام بُحيرة أتيرسيه" لغوستاف كليمت، و"البيوت التي تُحاذي البحر" لإيغون شيله، إلى جانب لوحاتٍ أُخرى لغوستاف كوربيه، وتينا بلاو، وكولومان موزر.
وتوضيحاً لهذه الخطوة، قال مدير المتحف النمساوي هانس بيتر فيبلينغر، في بيان، إن "متاحف الفن تُعتبَر أمكنة يمكن للناس أن يكتشفوا فيها العالم من خلال وجهة نظر شخصية لفنان، وهي أمكنة يواجهون فيها مواضيع وأساليب تفكير ووجهات نظر حول العالَم يمكن لها أن تكون مزعجة، أو محفّزة، أو حتى استفزازية".
وأضاف: "تؤدّي المتاحف مهمّتها الاجتماعية القائمة على حفظ الموروث الثقافي ونقله إلى الأجيال القادمة. المتاحف فضاءات تساعد على التفكير في واقعنا، وهذا يعني أن لديها القدرة على التأثير بشكل إيجابي عبر اتخاذ خطوات تساعد على إبانة بعض الظواهر الاجتماعية ولفت الأنظار إليها. وبناءً على هذا، فإننا نُعلن هنا تضامننا مع الأهداف التي يسعى إلى تحقيقها النضالُ من أجل المناخ".