"متحف باردو": عودة قريبة؟

28 اغسطس 2023
من القاعة الرئيسية لـ "متحف باردو" في تونس العاصمة، أيار/ مايو 2015 (Getty)
+ الخط -

في الخامس والعشرين من تمّوز/ يوليو 2021 - وهو اليوم الذي نفّذ فيه الرئيس التونسي قيس سعيّد انقلاباً بإقالة الحكومة وتعليق عمل البرلمان وتولّي السلطة التنفيذية والقضائية - أقدمَت السلطات التونسية على غلق "المتحف الوطني" في ضاحية باردو بتونس العاصمة.

ظلّ المتحف، الذي تأسّس عام 1988، ويضمّ قرابة ثمانية آلاف قطعة أثرية وثاني أكبر مخزون للقطع الفسيفسائية الرومانية في العالم، مغلَقاً إلى اليوم، وقد مرّ على ذلك أكثرُ من سنتَين لم تتوقّف خلالهُما المطالَبات بإعادة افتتاحه والنأي به عن التجاذبات السياسية، من دون أن تستجيب السُّلطات لتلك الدعوات، أو تُوضّح، على الأقلّ، الأسباب الحقيقية التي تقف وراء إغلاقه.

في أحد التصريحات الرسمية القليلة حول استمرار الإغلاق، صرّح المدير السابق لـ "المعهد الوطني لـ التراث"، فوزي محفوظ، في كانون الثاني/ يناير من العام الماضي، بأنّ أسباباً سياسيةً تتجاوز المعهد تقف وراء إغلاق متحف باردو، مُضيفاً أنّ المستهدَف هو مجلس النوّاب وليس المتحف في حدّ ذاته، لأنّ المقرَّ مشترَكٌ بينهما ويشتركان في بابهما الخارجي.

أُغلق المتحف منذ سنتين لم تتوقف خلالهما المطالبات بافتتاحه

وقال محفوظ، الذي أُقيل من منصبه مطلع العام الجاري، إنّ المعهد ووزارة الثقافة عبّرا عن رغبتهما في إعادة فتح المتحف، وتقدّما بطلب بذلك، كما اقترحا الفصل بينه وبين مقرّ البرلمان، لتلافي إغلاق المتحف مستقبَلاً، خصوصاً أنّه يُغلَق كلّما كانت هناك زيارات لشخصيات رسمية إلى "مجلس الشعب".

وفي ظلّ الإغلاق المستمرّ، يحصل العاملون في المتحف على تراخيص للدخول إليه، بغرض القيام بأعمالهم، والتي من ضمنها صيانةُ القطع الأثرية الموجودة فيه. وكان عددٌ منهم قال، لوسائل إعلام محلّية، إنّهم تلقّوا، غير ما مَرّة خلال السنتَين الماضيتَين، إشارات بقُرب إعادة فتحه، لكن كان يجري التراجُع عن ذلك في كلّ مَرّة.

وكانت وسائل إعلام وصفحاتٌ على مواقع التواصُل الاجتماعي قد تداولت أخباراً عن إغلاق المتحف نهائياً ونقل محتوياته إلى متاحف أُخرى، بينما تحدّثت أُخرى عن ضياع وسرقة بعض القطع الأثرية الموجودة فيه، وهو ما دفع البعض إلى المطالَبة بإجراء جرْدٍ دقيق لمقتنياته؛ مثلما عبّر عن ذلك العضو السابق في "هيئة الانتخابات"، سامي بن سلامة، والذي كتب في منشور له على فيسبوك، يوم الجمعة الماضي: "مع إعادة إحياء المتحف، يلزم القيام بعملية جرد شاملة وكاملة لمحتويات جميع المتاحف والمخازن التابعة للمعهد الوطني للتراث، بما فيها مخازن المواقع الأثرية... دعونا نعرف بالضبط كلّ قطعة أثرية ثمينة سُرقت أو اختفت أين ذهبت".

وفي ردٍّ على تلك الأخبار، وعدت وزيرة الثقافة حياة قطاط القرمازي، الخميس الماضي، في تصريح هو الأوّل مِن نوعه، بإعادة افتتاح المتحف "بمجرَّد انتهاء أشغال الصيانة والتهيئة"، لكن من دون أن تُعلن عن تاريخ مُحدَّد لذلك. ونفت الوزيرةُ "ما يجري الترويج له بخصوص غَلْق المتحف بشكل نهائي". وهذه هي المرّةُ الأُولى التي تجري فيها الإشارة إلى أنّ المتحف أُغلق لإجراء صيانة وتهيئة فيه.

ويبدو أنّ هذا الوعد لم يُقنع الكثيرين، إذ وجّهت مجموعة من الأكاديميّين والناشطين المدنيّين، يوم الجمعة الماضي، عريضةً إلى السلطات تُطالبُ فيها بإعادة افتتاح المتحف "في القريب العاجل"، والذي قالت إنّه مغلَق "من دون سبب مُقنع مُقدَّم من لدن سلطة الإشراف"، مُعتبرةً أنّ "العديد من الشعوب المتحضّرة تَعرض في متاحفها آثار أمم أُخرى، في حين أنّنا نحجب تراثنا عن الأعين، وتلك مفارقة عجيبة".

يُذكَر أنّ آخر إغلاق لـ"متحف باردو" كان في 18 آذار/ مارس 2015، بعد عملية إرهابية استهدفت سُيّاحاً، وخلّفت 22 قتيلاً و45 جريحاً. حينها، لم يستمرّ الإغلاق سوى أيّام قليلة؛ إذ أُعيد افتتاحه في الرابع والعشرين من الشهر نفسه.

المساهمون