ماذا كنتَ ستفعل؟

ماذا كنتَ ستفعل؟

07 يناير 2024
من تظاهرة صامتة في مدريد تضامناً مع الشعب الفلسطيني، تشرين الثاني/ نوفمبر 2023 (Getty)
+ الخط -

ماذا كنت ستفعل، بماذا كنت ستشعر
لو استيقظت في أحد الأيام
وكان بيتك، ومدينتك، وأرضك،
تحت الاحتلال؟
ماذا كنتَ ستفعل لو كنت تعيش اليوم كلّه
تحت تهديدٍ فعليٍّ بالقتل،
لو كنت تشعر كلّ يوم فوق رأسك
ورؤوس أهلك بقصف طائرات الـF16
أو بالدبابات المحيطة بقريتك أو مدينتك؟
ماذا كنت ستفعل لو ذهبت إلى عملك
أو أرضك أو إلى الصيد
أو لجلب الطعام إلى منزلك
وأطلقوا عليك النار كلّ ثانية؟
ماذا لو دمّروا منزلك
كي يمنحوه لمستوطنٍ غريب؟
ماذا لو سمحوا لكَ ببناء منزل
كي يدمّروه في اليوم التالي فقط؟
ماذا لو كنتَ تعيش محاطاً بمستوطنات غير قانونية
حيث يعيش فيها مستوطنون بكافة وسائل الراحة،
في حين يقطعون عنك كلّ شيء بشكل مُمنّهج:
الماء، والضوء، والكهرباء؟
ماذا لو اغتصبوا كلَّ مواردك الأساسية:
المياه والزراعة والصيد
وباعوها أمام عينيك في كلّ أنحاء العالم؟
وماذا لو كان عليك أن تعبر كلَّ يومٍ
نقاط تفتيش لقوّة تحتلّ أرضك،
من أجل أن تصل إلى المدرسة، أو الجامعة، أو العمل،
إلى المستشفى،
أو كي تعود إلى منزلك؟
وماذا لو عند تلك الحواجز
أهانوك باستمرارٍ لأنّهم يكرهونك
بسبب جنسيّتك وثقافتك ومعتقداتك؟
وإذا منعوك من وسائل الحياة البسيطة
عبر حصار طويل وغير قانوني وإجرامي
فإنهم أيضاً يحتجزون ويعذّبون كلَّ
من يريد أن يساعدك.
وإذا اعتقلوك تعسّفياً
دون أيّة تهمة،
فذلك ببساطة لأنّهم يستطيعون فعل ذلك،
وسيسجنونك إلى أجل غير مسمّى،
ويعذّبونك وينكرون جميع حقوق الإنسان الأساسية الخاصة بك؟
وإذا اعتقلوا أطفالك وإخوانك وأبناء إخوتك
في منتصف الليل
لأنك عبّرت عن غضبك
أو قاومت أو دافعت عن نفسك
من المحتلّين الذين يرضونهم باستمرار،
سوف يعذّبونهم إلى أن يعترفوا بتهمة لم يرتكبوها
أو كي يجبروهم على التنديد بأقرانهم؟
ماذا كنت ستفعل
كي تحمي نفسك من جرائم
وانتهاكات الاحتلال،
من جيشه
الذي ينشر الرعب في كلّ مكان من أرضك
كي يبقى ظُلماً
وبقوة الأسلحة والدبّابات والطائرات
في كلّ ما ينتمي إليك بحقٍّ
وعلى كلِّ ما كافحت من أجله طوال الحياة؟
ماذا كنتَ ستفعل أنت وشعبك
لو كنت تعاني من جرائم
إسرائيل الإرهابيّة
كما يعاني يومياً
مئات الفلسطينييّن
دون أن يساعدهم أحد
من هذا العالم الذي يُقال إنّه عادل وديمقراطي
لكنّه في حقيقة الأمر أعمى وأصم وأبكم
أمام عذاب هؤلاء الفلسطينيّين؟
ولا أحد يفعل شيئاً، لأنّ العذاب بعيدٌ عنه،
وخوفاً من إسرائيل، لأن هذا الكيان الإرهابي
يشتريكم بالمال والمصالح الأُخرى.
ترى لو كان هذا الفلسطيني أنت،
هل تقبل أن يقولوا عنك إنّك إرهابي فقط لمجرّد
أنك تقاوم وتدافع عن نفسك من الجرائم؟
وماذا كنت ستشعر لو كان الآخرون على مسافة واحدة منك،
مستسلمين لمن يذبحك كلّ يوم،
ولكنهم، وللفاجعة، يقارنونك بمن هو الجلّاد؟
ألن تنزعج حينها من الصمت والوحدة والبرد الذي تشعر به، 
كمثل حالك الآن أنت،
لأنّ الإنسان الفلسطيني لا يخطر على بالك،
وما يهمّك معدتك ونفسك فقط؟
ولماذا، إذاً، تنظر بعيداً
عندما يكون الشعب الفلسطيني
هو الذي يعاني من المحرقة؟
هيا، فليكن لديك ردة فعل لمرّة واحدة،
اليوم هم الفلسطينيون،
لكن ربّما تعاني أنتَ وشعبك غداً
العذاب نفسه.
الكيان الصهيوني أو إسرائيل، كما يحلو لك أن تسمّيه،
يؤمن بالشيء نفسه،
أنَّ النازية الشرّيرة،
متفوّقة على العالم كلّه
وهكذا سيحتكرون الثروات كلّها لهم،
كي يركع العالم له على ركبتيه،
في عبودية أبدية.


* María Jesús García صحافية وناشطة إسبانية، ورئيسية منتدى "التضامن مع فلسطين" في مدينة أفيلا. تكتب في الصحافة الإسبانية المحليّة، ولها العديد من المقالات عن القضية الفلسطينية.

** ترجمة عن الإسبانية: جعفر العلوني

نصوص
التحديثات الحية

 

المساهمون