مع بداية العام الجاري، أعلن "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" عن الانتهاء من نشر نِتاج المرحلة الثانية من عمل "معجم الدوحة التاريخي للغة العربية" (من العام 201 وحتى 500 للهجرة). وبهذا اكتمل نشر عشرة قرون من تاريخ الكلمة العربية في المعم، بحصيلة من المداخل المُعجمية تبلغ زهاء مائتي ألف مدخل مُعجمي.
يراكم المركز منذ سنوات مشروعه في حماية اللغة العربية والذي يهدف إلى رصد ألفاظها، مقرونةً بمعانيها وشواهدها وتواريخ استعمالها وأسماء مؤلِّفيها، منذ ظهورها في النصوص حتى عصرنا الراهن، بالإضافة إلى إصدار دراسات وأبحاث معجمية.
في هذا السياق، تنطلق عند العاشرة من صباح الأربعاء، العاشر من الشهر المقبل، أعمال المؤتمر الدولي المحكّم الرابع في مقرّ "جامعة مولاي إسماعيل" بمدينة مكناس المغربية بعنوان "معجم الدوحة التاريخي للغة العربية: تحوّلات المعنى والاستثمار في مجالات اللسانيات التطبيقية"، والذي يتواصل لثلاثة أيام.
يشارك في المؤتمر خمسون باحثًا من بلدان مختلفة
المؤتمر، الذي يُعقد بالتعاون مع كلية الآداب والعلوم الإنسانية والمدرسة العليا للأساتذة في الجامعة، ومختبر الدراسات الأدبية واللسانية والديداكتيكية في "جامعة السلطان مولاي سليمان" بمدينة بني ملال المغربية، يشارك فيه خمسون باحثًا وباحثةً من بلدان وجامعات ومؤسسات أكاديمية مختلفة.
يشير بيان "المركز العربي" إلى أنه "منذ اللحظة الأولى لإطلاق مشروع 'معجم الدوحة التاريخي للغة العربية'، يأتي البحث العِلمي في أُولى اهتمامات المعجم التي انبنت عليها رؤيته ورسالته، وعُقِدت في سبيل ذلك ثلاثة مؤتمرات دوليّة جمعت عددًا كبيرًا من الباحثين المرموقين في مجالات اللسانيات والعلوم الأدبية واللغوية والتاريخية المختلفة، أسفرت عن عشرات الدراسات والأوراق البحثية المتميزة التي أثرَت المكتبة العربية وسدّت ثغرةً طالما سبّبها غيابُ معجم تاريخي للغة العربية".
ويبيّن كتيّب المؤتمر بأن مشكلة "تحوّل المعنى" في صناعة المعاجم التاريخية لا تقلّ عن المشكلات الأُخرى في صناعة المعاجم عامة؛ فإذا كان المعنى في السياق الأدبي يتعلّق بالتحوّلات الجمالية التي تعتور النصوص؛ فإنه في السياق المعجمي يُعنى ببيان المقصود من الكلمات المفردة ضمن سياقاتها التاريخية والفكرية والثقافية، وذلك لأن الاتّساع في ألفاظ اللغة العربية يمثّل خصيصة مميّزة لها تُتيح أوجه الدلالة فيها، مما يجعل المعاني المتولّدة من الألفاظ وَفيّة للتجدُّد والتنوُّع بين الحقيقة والمجاز، وبين الثبات والتحوُّل، وبين السياق والمقام، وكلّ ذلك ينطوي على تحديات أمام الصناعة المعجمية التاريخية.
كما ينبّه إلى أن "قضايا الاستثمار" تطرح تحديات متعدّدة، ترتبط بسُبل توظيف هذا المعجم توظيفًا عمليات في مجالات اللسانيات التطبيقية، من قبيل: تعليم اللغة العربية وتعلُّمها سواء للناطقين بها أو بغيرها، والتعليم الإلكتروني وما يفرضه من تعليم ذاتي يفرض بدوره إعداد منصات إلكترونية تُعنى بالمعجم (المفردات) تعليمًا وتدريبًا وتوظيفًا، وتحليل الخطاب، والمعاجم المتخصّصة.
يُذكر أن النسخة الثالثة من المؤتمر انعقدت في أيار/ مايو 2021، بعنوان: "معجم الدوحة التاريخي للغة العربية وأبعاده العِلمية والحضارية" وشارك فيها نحو أربعين باحثًا من العالم العربي وخارجه.