ليتذكّر ضمير العالَم

12 مايو 2022
تلميذات يزرن موقع اغتيال شيرين أبو عاقلة في جنين، أمس الخميس (Getty)
+ الخط -

أظنّ هذا القتْل المتعمد لصحافية دأبت أكثر من عقدين من الزمن على نقل ما يحدث في فلسطين المحتلّة استهدافٌ للشاهد، لمَن ينقل الحقيقة ويحاول أن يبيّن للعالم ما تفعلة "إسرائيل" بـ الشعب الفلسطيني. ومن التحقيقات الأولية التي حصلتْ، ومقارنة الفيديوهات التي تمّ تسجيلها للحادثة، فإن هناك نيّة مبيّتة لقتل شيرين أبو عاقلة وزميلها علي السمودي، ومحاولة إسكات صوت الصحافي الذي يعرفون تأثيره الحقيقي في نقل ما يحدث للفلسطيني كل يوم. 

أبو عاقلة ليست الشهيدة الأولى في سلسلة الشهداء من الصحافيين العاملين في فلسطين، ولا الشهيدة الأولى في سلسلة الشهداء الفلسطينيين، لكنها شخصية بارزة في حقل الإعلام، يعرفها العالم العربي والعالم بشكلٍ واسع، واستشهادها يضع العالم في صورة ما تفعله "إسرائيل"، التي تحاول إخفاء الحقيقة، وتستهدف الصحافي الذي يقوم بعمله بشجاعة وأمانة ومهنية عالية.

تأتي هذه الجريمة لتفضح "إسرائيل"، كما يظهر من خلال ردود الفعل العالمية ضدّها. نعرف أن ذاكرة الشعوب قد تكون قصيرة، وخاصة ذاكرة السياسيين المتنفّذين، ولكن علينا الضغط كمثقّفين وكتّاب وصحافيين وأصحاب رأي على ضمير العالم، ليتذكر دائماً أن "إسرائيل" تمارس القتل عن سبق إصرار وتترصّد كّل مَن يحاول أن يفضح جرائمها وانتهاكاتها، فهي لم تكتف باحتلال فلسطين عام 1948 وطرد أهلها، إنما تعمل على طرد جميع الفلسطينيين وطمس الرواية الفسلطينية.

علينا الضغط كمثقّفين على ضمير العالم، ليتذكّر دائماً أن "إسرائيل" تمارس القتل عن سبق إصرار

هناك رواية كاذبة وزائفة استطاعت الوصول إلى العالم منذ قرن من خلال ادّعاء أن فلسطين هي "أرض إسرائيل"، ورواية أخرى تُصارع منذ سنوات طويلة لإثبات حضورها، وهي الرواية الفلسطينية. اغتيال أبو عاقلة هو جزء من صراع الروايات، لأنها وزملاءها يحاولون نقل صورة مختلفة عن الرواية الصهيونية، عن الرواية التي يحاول أن يرسخها الإسرائيليون ومَن يناصرهم في العالم، ودور المثقف أن يعرّي هذه الرواية التي تلغي وجود الشعب الفلسطيني، وعلى العالم أن يعرف من خلال الكتابة والإعلام تفاصيل الرواية الفلسطينية، التي يتزايد تأثيرها في السنوات الأخيرة رغم بؤس الواقع العربي، ومحاولة بعض الأنظمة العربية التقرّب من الكيان الصهيوني والتطبيع معه.


* ناقد فلسطيني أردني

المساهمون