تكاد الانتقادات للتحليل النفسي تشكّل جزءاً أساسياً من سيرته، حيث لم تكد الأطروحات الجديدة، التي جاء بها فرويد حول البُنية النفسية، تخرج إلى العلن، حتى واجهَت ردود فعل حول دقّتها، وحول عِلميّتها، وحول نجاعة ما يقترحه فرويد في عِلاج المرضى.
إن كانت أغلب هذه الانتقادات قد باتت متقادمةً اليوم، فإن نقاشاتٍ أُخرى، أكثر راهنيةً، حلّت محلّها تدريجياً في بلدان مثل فرنسا وألمانيا، ومن أبرزها تلك التي تنتقد النظرة التحليلية إلى المرأة، أو إلى الأقلّيات الجنسية، وهي نقاشاتٌ تخوضها التيارات النسوية، بشكل أساسيّ، مع التحليل النفسي.
عن منشورات "لا ديكوفرت" في باريس، يصدر هذه الأيام كتاب "نحو تحليلٍ نفسيّ متحرّر: تجديد الصِلة مع الثورة على السائد"، للمحلّلة النفسية والأكاديمية الفرنسية لوري لوفير، والتي تعالج فيه العلاقة بين المذهب الفرويدي وبين مسائل معاصِرة مثل الجندر والمثلية والاختلاف الجنسي والنسوية وغيرها.
رغم أن لوري لوفير لا تدّخر جهداً لانتقاد بعض المفاهيم والرؤى "المحافظة" في التحليل النفسي (كالقول بنقصٍ رمزيّ عند الإناث بسبب افتقادهنّ للفالوس)، إلّا أنها لا ترمي المقولات الفرويدية عرْض الحائط، بل تبحث - بمعنىً ما - عن تحليلٍ نفسيّ متوافق مع النقاشات الراهنة حول الجنسانية والجندر، وهو ما يدفعها إلى الدفاع عن فرويدٍ ولاكانٍ أكثر انفتاحاً - في ثورتهما على زمانهما ومعاييره الاجتماعية والأخلاقية والجنسية - من كثير من تلاميذهما.
تكاد المؤلّفة تختصر أطروحات كتابها بواحدة من مقولاتها، أي: "سيكون التحليل النفسي نسويّاً أو أنه لن يكون". ومعنى ذلك، كما تشرح، أن على التحليل النفسي أن يصبح "ممارسة تفكّك الشروط التي تجري من خلالها إعادة إنتاج خطابٍ مهيمِن"، في إشارة إلى الخطاب الذكوريّ، والمعيارية الجنسية، وفي انتقادٍ ضمنيّ للنحو الذي ينظّر من خلاله التحليل النفسي لمسائل الاختلاف الجنسي.