لستَ منهم

01 يوليو 2023
نهاد الترك/ سورية
+ الخط -

أن تُقرأ اليوم ولا تجد واحداً يبحث عنك بعد موتك، أو في يوم غدٍ، أثناء حياتك؟

إنّها طبيعة التاريخ في حقل الآداب، فلا تحزن. يوم غدٍ له كُتّابه بالسليقة، وأنت لست منهم، لأنّك من كتّاب اليوم، مهما راودك شعور خلّب بأنّك تكتب متجاوزاً زمنك ومكانك.

هذه هي الحقيقة في النظام الأدبي، وإلّا أين راح كتّاب مرموقون، كانوا، أمس، ملء أفق القراءة العربية، وملء عصرهم، وأمّا اليوم، فلا حسّ لهم ولا خبر؟

أقول هذا بمناسبة تفكير طارئ بغربال الزمن. ماذا يبقى منّا لغدِنا القريب، ونحن نرى كتّاب أمسنا، انتهوا للعدم القرائي اليوم؟ وهل ستكون حالنا أفضل من حالهم؟

كلّا، لا مناص. غربال الزمن هو الرقيب الأقسى على الكاتب، وهو من سيُخفي سيرة ألوف من الأدباء، مُبقياً ربما على واحد منهم، أو ثلّة صغيرة فقط.

لكن، لمَ ركبنا هذه الهواجس، ونحن مثل قرّائنا، فانون في مركب الزمن؟

أليس من الأفضل حصر تفكيرنا في إكراهات الحاضر فقط، أمّا الغد فلندعه لأحياء الغد، فهُم به أدرى، لأنهم محايثوه؟

لا غرو أنّ ما ورد أعلاه هو تبدٍّ لما يحلم به مخيال الكتّاب الجمعي: توسُّل بعض الخلود المؤقَّت، في عالَم هو عبارة عن ماكنة طحن!


* شاعر فلسطيني مقيم في بلجيكا

موقف
التحديثات الحية
المساهمون