يُعدّ سليمان بن طوبال (1923 - 2010)، الذي يُعرف باسم لخضر، أحد الفاعلين الأساسيّين في الثورة التحريرية (1954 - 1962)؛ إذ انضمّ في سنّ مبكرة إلى "حزب الشعب"، ثمّ إلى "المنظّمة الخاصّة"، وكان ضمن "مجموعة 22" التي فجّرت الثورة، قبل أن يتولّى قيادة "الولاية التاريخية الثانية"، ويُسهم في تأسيس المخابرات الجزائرية إلى جانب عبد الحفيظ بوصوف عام 1957، ويتولّى وزارة الداخلية في الحكومة الجزائرية المؤقّتة، ويشارك في مفاوضات إيفيان التي أسفرت عن اتفاقية وُقّع عليها عام 1962.
عن "دار الشهاب"، صدر حديثاً كتابٌ للباحث والأكاديمي دحو جربال بعنوان "لخضر بن طوبال: مذكّرات من الداخل"، مضيئاً فيه على سيرة العسكري والسياسيّ الجزائري منذ طفولته حتى التحاقه بالحكومة الجزائرية المؤقّتة، مروراً بدوره في الثورة، معتمداً على حوارٍ غير منشوره أجراه معه الباحث في علم الاجتماع محفوظ بنون، واستغرق خمس سنوات (1980 - 1985).
يعود الكتاب، بشيء من التفصيل، إلى حياة بن طوبال، الذي وُلد في عائلة بسيطة بمدينة ميلة شرقي الجزائر، ودرس في المدرسة القرآنية قبل أن يلتحق بالمدرسة الفرنسية، في وقتٍ كانت المدينة تشهد، من جهة، انتشار مدّ إصلاحي تقوده "جمعية العلماء المسلمين" ممثّلةً في الشيخ مبارك ميلي، ومن جهة أُخرى، بروز حركة نضالية يقودها "حزب الشعب الجزائري" بقيادة مصالي الحاج.
ويتطرّق الكتاب، على لسان بن طوبال، إلى عدد من محطّات الثورة التحريرية؛ وأبرزُها اندلاعُها في الأوّل من تشرين الثاني/ نوفمبر 1954، واستشهاد ديدوش مراد، أحد عقولها المدبّرة، في كانون الثاني/ يناير 1955، وما يُعرف بـ"هجمات الشمال القسنطيني" في آب/ أغسطس 1955، والمؤتمر الأول للولاية التاريخية الثانية (الشمال القسنطيني) التي تولّى قيادتها، و"مؤتمر الصومام" في آب/ أغسطس 1956، الذي أسفر عنه تنظيم الثورة.
يُشار إلى أنّ دحو جربال يعمل أستاذاً للتاريخ المعاصر في "جامعة الجزائر"، ويُصدر مجلّة "نقد" المتخصّصة في الدراسات والنقد الاجتماعي منذ ثلاثين سنة. نشر العديد من الدراسات في تاريخ الجزائر الاقتصادي والاجتماعي إلى جانب شهادات عدد من الفاعلين في الثورة الجزائرية.